الصومالجغرافياسلايد 1مال واقتصادمنوعات

شابة صومالية تتحدى المنتجات المستوردة بأزياء محجبة

في بلد يعتمد كليا على الملابس المستوردة، تمكنت سميرة (20 عاما) من أن تخترق عالم الأزياء، فأصبحت تصاميمها تحاكي الماركات العالمية، وبات معرضها الصغير بسوق حمرويني بالعاصمة مقديشو مهوى أفئدة الصوماليات الباحثات عن آخر صيحات الموضة.

تقول سميرة إن كل أحلامها كانت تدور حول عالم الأزياء، ما دفعها إلى متابعة مواقع الموضة لمواكبة آخر التطورات العالمية، وذلك رغم محدودية إمكانياتها المادية.

كانت والدتها كلمة السر في ظهور موهبتها للعلن، حيث كانت ولاتزال تساعدها على تذليل المصاعب التي تواجهها في مسيرتها وتحقيق مزيد من التقدم في عالم الأزياء.

في معرض صغير بسوق حمرويني تعمل سميرة وزميلاتها ساعات طويلة لإنتاج أصنافا من الموديلات الحديثة التي تكاد تتحدى الموديلات التي تنتجها أشهر الماركات العالمية وتصدرها لبلادها.

كخلية نحل تسير عملية إنتاج الأزياء بين فتيات المعرض، حيث تعمل كل واحدة منهن على تنفيذ مهمتها بدقة عالية، للخروج بأشكال مختلفة من الأزياء النسائية التي تبهر الزبائن، لاسيما تلك الخاصة بالمناسبات وحفلات الزفاف.

تبدأ عملية إنتاج الأزياء والفساتين بالرسم والتظليل مع تصاميم فريدة على الورق، تسلمها سميرة لزميلاتها، إيذانا ببدء مرحلة جديدة من العمل يقمن خلالها بتطبيق التصاميم المرسومة على نموذج يتم تسليمه لاحقا للخياط، لتخرج إلى النور ملابس أنيقة لا تقل فخامة وجودة عن نظيراتها المستوردة.

ورغم الطرق البدائية والمتطلبات الكثيرة للأزياء، تنتج سميرة في المتوسط 5 تصاميم مختلفة يوميا حسب طلبات الزبائن اللاتي تنتظرن منتجات مصممة الأزياء الشابة بفارغ الصبر.

طلبات الزبائن لا تنتهي، مع ذلك تنجح سميرة في التوفيق بين دراستها علم “القبالة” (رعاية النساء المقبلات على الولادة خلال فترة الحمل، والمخاض والولادة)، في إحدى الجامعات المحلية، وبين التركيز في عملها لرفع إنتاجيتها مستعينة بأسرتها وزميلاتها.

فاطمة اسماعيل والدة سميرة تقول إن موهبة ابنتها، أضافت ثراء لمعرضها الصغير في سوق حمرويني، والذي تم افتتاحه مؤخرا باسم “سميرة”، وجعلته موهبة الابنة مقصدا لشريحة كبيرة من الفتيات الصوماليات.

وتؤكد الأم أنها عون وسند لابنتها، وتفعل كل ما يمكنها لمساعدتها في تحقيق حلمها كي تصبح مصممة مميزة وذات مكانة رفيعة في بلد يفتقر للمدارس المهنية منذ نحو عقدين من الزمن.

غياب الدعم المالي الحكومي وعدم توفير الأدوات اللازمة لتطوير المواهب الناشئة التي تساهم في تنمية البلاد يشكلان عبئا على موهبة ومسيرة سميرة الفريدة، لكن بجهودها الفردية تسعى لتجاوز العوائق مهما كلفها الأمر.

هدن مهدي نور إحدى زبائن المعرض تقول إن تصاميم وموضات سميرة “أنيقة وتزيدنا جمالا ولها طابع إسلامي حيث تغطي جميع جسد المرأة بعكس الملابس المستوردة من الخارج” .

وبحسب هدى كانت الصوماليات تفضلن ارتداء الأزياء المكشوفة ذات الطابع الأجنبي في المناسبات وحفلات الزفاف، لعدم وجود بديل محلي مناسب، حتى ظهرت تصاميم سميرة التي تليق بحجابها وحشمتها بتقاليد وعادات المجتمع الصومالي ولا تقل جمالا عن المستورد.

واكتسبت سميرة خبرة في تسويق منتجاتها، فباتت تقيم معرضا بسيطا في ساحة إحدى الحدائق بالعاصمة، بالتعاون مع زميلاتها، وهناك تُعرض أحدث التصميمات، على سبيل الدعاية ولفت أنظار النساء للتصاميم الجديدة التي فاضت بها موهبة الشابة العشرينية.

كما تستغل أيضا منصات التواصل الاجتماعي للترويج لأحدث الصيحات.

ومن داخل “معرض سميرة” تقول فاطمة حسن أحمد وهي منهمكة في اختيار فستان مناسب لها “أقصد المعرض في نهاية الأسبوع للاطلاع على أحدث صيحات الموضة، حقا التصاميم كلها مشوقة وتثير حيرتك عند الاختيار لحسن جمالها وشكلها رغم قلة انتشارها”.

وعن معرفتها بالمعرض لأول مرة، تقول إن ابنة عمها هي من أخبرتها بشأنه وأطلعتها بداية على نماذج من أزياء سميرة التي تعرضها على صفحات المعرض بمواقع التواصل، لافتة إلى أنها باتت الآن من أكثر المتفاعلات مع تلك الصفحات.

وتقول سميرة إنها تلقت طلبات كثيرة من معظم الأقاليم الصومالية نتيجة الانتشار الكبير في تصاميمها على صفحات مواقع التواصل التي باتت منبرا يعتمد عليه التجار في الترويج لمنتجاتهم.

باتت الشابة الصومالية ملء السمع والأبصار، وتخطت شهرتها حدود عاصمة البلد الواقع في منطقة القرن الإفريقي، والذي انهارت مصانعه جراء حروب أهلية بدأت منذ نحو ربع قرن، لتفتح سميرة أخيرا المجال أمام منافسة مع الأزياء المستوردة.

الأناضول

اترك تعليقاً

إغلاق