أثيوبياجغرافياسلايد 1سياسة

بعد استقالة ديسالين.. حلم المشاركة بالحكومة يداعب المعارضة في إثيوبيا

تصاعدت طموحات المعارضة الإثيوبية عقب الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء هيلي ماريام ديسالين من منصبه الخميس، وقبول الائتلاف الحاكم لها في اليوم ذاته، داعية إلى تشكيل حكومة انتقالية تتألف من جميع أحزاب المعارضة والائتلاف الحاكم لإنقاذ البلاد من الأزمة الحالية، لحين إجراء الانتخابات العامة المقررة في 2020.

واستقبلت المعارضة الإثيوبية بمختلف أطيافها استقالة ديسالين التي توصف بالتاريخية، كونها سابقة هي الأولى من نوعها في البلاد، على أنها حدث منطقي، فرضته الأوضاع الراهنة التي تشهدها إثيوبيا، من احتجاجات ومطالبات بالإصلاح في الحكم وإنهاء سياسة الإقصاء.

وعلى نحو مفاجئ، أعلن هيلي ماريام ديسالين أمس الخميس، تقديم استقالته من رئاسة الوزراء ورئاسة الائتلاف الحاكم (الجبهة الديمقراطية الثورية للشعوب الإثيوبية)، وقال في كلمة بثها التلفزيون الرسمي، إنه قدم استقالته “طواعية”، معللا استقالته بأنها تأتي ضمن جهود تهدف إلى تقديم حلول نهائية للوضع الراهن في البلاد.

وانتخب ديسالين في أغسطس / آب عام 2012 خلفا لرئيس الوزراء الراحل مليس زيناوي، وأعيد انتخابه إثر فوز الائتلاف الحاكم في الانتخابات البرلمانية في مايو / أيار 2015.

وتأتي استقالة ديسالين في ظل تظاهرات واحتجاجات تشهدها إثيوبيا على خطط توسيع حدود العاصمة، تشمل عددا من مناطق إقليم أوروميا (جنوب) أكبر أقاليم البلاد مساحة وسكانا، تطورت إلى المطالبة بإصلاحات هيكلية في بنية الحكم، والعدالة في تقسيم الثروة والسلطة، وهو ما أدخل الحكومة في تحديات حقيقية للخروج من الأزمة الحالية.

** حكومة انتقالية

ويرى المتحدث باسم حزب منتدى الوحدة والديمقراطية الفيدرالية المعارض مولاتو جمتشو، أن استقالة ديسالين هي نتيجة للنضال السلمي للشعب الإثيوبي خلال السنوات الثلاث الماضية، معتبرا أن حكومة رئيس الوزراء المستقيل فشلت في تحقيق توافق وطني، وإرساء دعائم الدولة الديمقراطية العادلة.

ويضيف أن البلاد بحاجة إلى بداية جديدة، وتغيير هيكلي شامل في الدولة الإثيوبية، يفضي إلى بناء دولة ديمقراطية للجميع، معتبرا أن الوضع الراهن يتطلب حكومة انتقالية تتألف من جميع أحزاب المعارضة والائتلاف الحاكم لإنقاذ البلاد من النفق الحالي الذي وصلت إليه.

** “تغيير الطبلة لا الإيقاع”

ويقول رئيس حزب الوحدة الإثيوبي المعارض تيغيستو أولو، إن استقالة ديسالين نتيجة فشل الائتلاف الحاكم في الإيفاء بوعده في الإصلاح الدستوري، وبناء نظام ديمقراطي يسع جميع الأحزاب السياسية في البلاد.

ودعا “أولو” الحكومة والائتلاف الحاكم إلى ضرورة إجراء تحول حقيقي من شأنه أن يعالج جذريا أسباب الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد.

وأضاف أن استقالة ديسالين، وتعيين رئيس وزراء جديد من الائتلاف الحاكم بمثابة تغيير “الطبلة لا الإيقاع”، في إشارة إلى أن تغيير الأشخاص لا يعني بالضرورة تغيير السياسات التي تحكم البلاد.

وعبر “أولو” عن قلقه حيال الوضع الذي تمر به البلاد، وقال نحن عند مفترق الطرق، وعلى الحكومة العبور بالبلاد إلى مرحلة توافق وطني من خلال انتقال سلمي للسلطة يحفظ وحدة وسلامة وطني.

ورفعت المعارضة الإثيوبية المحظورة “جبهة تحرير أورمو” و”حركة سبات قنبوت” التي تتخذ من الجارة إريتريا مقرا لها، سقف المطالب، وطالبت بفترة انتقالية وفتح حوار مباشر مع جميع أطياف المعارضة في الداخل والخارج، يتضمن التوافق على وضع خارطة طريق تضمن استقرار البلاد لتجاوز الأزمة الحالية، وصولا إلى الانتخابات العامة المقبلة المقرر عقدها عام 2020.

** صراع داخلي

ويرى الناشط السياسي الإثيوبي درجي همبيسا، أن استقالة ديسالين لم تكن مفاجئة للشارع الإثيوبي المثقف، معتبرا أنها نتيجة صراع قوي بين الإصلاحيين والمحافظين في الائتلاف الحاكم حول هيكلة الحكم والسلطة والسياسة التي تدار بها البلاد.

ويضيف للأناضول أن رئيس الوزراء المستقيل لم يتمكن من تغيير فعلي خلال فترة رئاسته التي امتدت 6 سنوات، معتبرا أن تنحيه عن منصبه خطوة صحيحة، قد تتيح فرصة جديدة للحزب الحاكم لإجراء إصلاحات حقيقية قادرة على تلبية المطالب الشعبية بالحريات السياسية والعدالة الاقتصادية.

** إصلاحات هيكلية

ويتلاقى حديث همبيسا مع تصريحات الأمين العام للائتلاف الحاكم شفراو شحوتي، الذي أكد أن استقالة ديسالين تأتي في إطار إصلاحات هيكلية تبناها الائتلاف، تماشيا مع المطالب التي رفعها الشعب الإثيوبي.

وقال شحوتي في تصريح للتلفزيون الرسمي، إن قرار الاستقالة لم يكن بالمفاجأة، وإنما جاء في إطار استراتيجية حزبية يتم تنفيذها لتلبية المتغيرات التي تشهدها البلاد، وتطلعات الإنسان الإثيوبي الذي يطمح إلى التغيير.

وكان الائتلاف الإثيوبي الحاكم أعلن أمس على لسان شحوتي، قبول استقالة ديسالين من منصبي رئيس الحكومة والائتلاف، موضحا أن الأخير هو من سيقرر من سيخلفه في الحزب والحكومة.

ويتكون الائتلاف الحاكم في إثيوبيا (تشكل عام 1989) من “جبهة تحرير شعب تجراي”، و”الجبهة الديمقراطية لشعب أورومو”، و”الحركة الديمقراطية لقومية أمهرا”، و”الحركة الديمقراطية لشعوب جنوب إثيوبيا”، ووصل إلى سدة الحكم في 1991.

** احتجاجات متجددة

استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي تأتي في وقت تجددت احتجاجات دامية بين الأمن ومتظاهرين في إقليمي “الأمهرا” و”أوروميا” (جنوب)، وهي الاحتجاجات التي اندلعت بداية في شهري يوليو / تموز وأغسطس / آب 2016، وأسفرت عن العديد من القتلى.

ويتهم المحتجون الحكومة بتهميش الإقليمين وإقصائهما سياسيا، ويطالبون بتوفير أجواء مناسبة للحريات والمعيشة.

ولاحقا، تبنى الائتلاف الحاكم عدة إصلاحات تهدف إلى تخفيف الاحتقان في البلاد، وتعزيز مناخ المصالحة، وشمل ذلك إطلاق سراح المعتقلين السياسيين على خلفية الاحتجاجات المذكورة.

وبالفعل تجاوز عدد من أسقطت عنهم التهم من المعتقلين السياسيين منذ يناير / كانون الثاني الماضي 7 آلاف شخص، وفق بيانات رسمية.

لكن احتجاجات تجددت في إقليم أوروميا منذ الاثنين الماضي، تطالب بالإفراج عن كامل المعتقلين السياسيين بالإقليم، وتحولت إلى أعمال عنف في بعض المناطق، ما أسفر عن سقوط 7 قتلى، بحسب ما أعلن مسؤول بالإقليم، الأربعاء.
الأناضول

اترك تعليقاً

إغلاق