قتل ثلاثة أشخاص على الأقل في اشتباكات تخللت الانتخابات الرئاسية المعادة في كينيا، مما أدى إلى تأجيل الاقتراع في أربع مقاطعات. وتتفاقم الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد، إذ ارتفعت إلى 43 حصيلة القتلى الذين سقطوا في عنف مرتبط بالانتخابات منذ آب/أغسطس الماضي.
أسفرت اشتباكات على هامش الانتخابات الرئاسية المعادة في كينيا الخميس، عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل، ما دفع السلطات إلى تأجيل الاقتراع في أربع مقاطعات فيما تتفاقم أسوأ أزمة سياسية في البلاد.
وقتل شخصان في تظاهرات في معاقل المعارضة في غرب البلاد، فيما سقط الثالث في حي شعبي في نيروبي خلال اشتباكات بين الشرطة ومتظاهرين.
وبذلك ارتفعت إلى 43 حصيلة القتلى الذين سقطوا في عنف مرتبط بالانتخابات منذ آب/أغسطس حين فاز الرئيس المنتهية ولايته أوهورو كينياتا بولاية ثانية، قبل أن تبطل المحكمة العليا نتيجة الانتخابات وتفرض إعادتها.
وفيما شارف الاقتراع على الانتهاء، أعلن رئيس اللجنة الانتخابية وافولا شيبوكاتي في خطاب متلفز تأجيل الاقتراع حتى السبت في أربع ولايات تعمها التظاهرات وهي كيسومو وهوما باي وميغوري وسيايا.
وقال شيبوكاتي إن القرار مرده التحديات “المرتبطة بالأمن”.
ودعا زعيم المعارضة رايلا أودينغا (72 عاما) أنصاره إلى لزوم منازلهم الخميس، معتبرا أن الشروط غير متوافرة لإجراء انتخابات شفافة ونزيهة.
ودعي نحو 19,6 مليون ناخب مدرجين على القوائم الانتخابية للإدلاء بأصواتهم في 40883 مركز اقتراع في أنحاء البلاد، غير أن الوضع في مناطق المعارضة الخميس كان متباينا جدا مع الحركة في انتخابات الثامن من آب/أغسطس.
وبدت العديد من مراكز الاقتراع خاوية أو تستقبل أعدادا قليلة من الناخبين في انتخابات يرجح أن تثير مزيدا من المعارك القانونية.
وأكدت مصادر أمنية وطبية مقتل 3 أشخاص وإصابة 24 آخرين على الأقل، 11 منهم بذخيرة حية.
وفي مستشفى جاراموغي في معقل أودينغا في كيسومو في غرب البلاد، شاهد صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية عدة أشخاص يصلون إلى المستشفى مضرجين بدمائهم.
وقال صامويل أوكوت البالغ 20 عاما “هذا جنون. إنهم يطلقون النار علينا (…) نحن نتظاهر وهم يطلقون النار علينا”.
ووصل أوكوت إلى المستشفى مع صديقه جوزيف أومو الذي تلقي طلقة في ركبته.
“تهديد حقيقي بإراقة مزيد من الدماء”
وحذرت منظمة العفو الدولية من إراقة مزيد من الدماء في كينيا.
وقال جوستوس نيانغايا مدير مكتب المنظمة في كينيا “مع تصاعد التوتر هناك تهديد حقيقي للغاية بإراقة مزيد من الدماء أثناء انتخابات الإعادة”.
وتابع “نحن ندعو الشرطة لاستخدام العنف كخيار أخير (…) لا نبغي السماح بحدوث قتل خارج القانون وانتهاكات حقوق إنسان أخرى بواسطة الشرطة”.
وفي كيسومو (غرب)، قتل شاب عمره 19 عاما بعد أن أصيب بنزيف حاد في اشتباكات اندلعت بعد إغلاق متظاهرين طرقا ومراكز اقتراع لمنع التصويت، حسب ما أفادت مصادر طبية.
وأعلنت الشرطة مقتل ثان في هوما باي في غرب البلاد إثر مهاجمة حشد مركز شرطي ما حدا بالضباط إلى إطلاق النار “لحماية انفسهم”.
وقتل شخص ثالث بطلق ناري في الرأس في حي ماثاري الفقير في نيروبي حيث اندلعت تظاهرات وأعمال شغب مماثلة.
صعوبة عملية التصويت
وفي كيسومو، كبرى مدن غرب البلاد، بدا من المستحيل أن تجري عمليات التصويت في ظل الوضع السائد، مع غياب قسم من اللوازم الانتخابية كالصناديق والمعدات الإلكترونية، وبوجود مراكز مغلقة بسلاسل وأقفال ومع عدم إقبال الناخبين وبقاء المسؤولين الانتخابيين في منازلهم خوفا من التعرض لهجمات، بحسب ما أفاد صحافي في وكالة الأنباء الفرنسية.
وقال جاكسون أوتيينو في سيايا لوكالة الأنباء الفرنسية “لن نذهب للتصويت. هذا لا يهمنا، لأننا نعرف منذ الآن من سينتصر. إنها مهزلة”.
وتجرى الانتخابات الجديدة بعدما ألغت المحكمة العليا في الأول من أيلول/سبتمبر بطلان نتائج الانتخابات السابقة التي أعلن فيها فوز الرئيس أوهورو كينياتا بـ54,27% من الأصوات مقابل 44,74% لأودينغا.
وبررت المحكمة العليا قرارها الذي شكل سابقة في أفريقيا بحصول مخالفات في نقل النتائج. وإذ برأت المرشحين، ألقت مسؤولية تنظيم انتخابات “غير شفافة وغير قابلة للتثبت من نتائجها” على عاتق اللجنة الانتخابية.
وعلى إثر هذا القرار، مارس أودينغا الذي ترشح ثلاث مرات حتى الآن للرئاسة من غير أن يحالفه الحظ، ضغوطا من أجل إصلاح هذه اللجنة، وإن كانت الهيئة أجرت تعديلات طفيفة، إلا أن المعارضة ترى أنها ما زالت منحازة للحزب الحاكم.
كينياتا وولاية جديدة
وما عزز هذا الموقف الشكوك التي أبداها رئيس اللجنة الانتخابية الأسبوع الماضي حيال قدرتها على ضمان مصداقية التصويت.
وهذا ما حمل أودينغا في 10 تشرين الأول/أكتوبر على إعلان انسحابه من الانتخابات، غير أنه لم يتخذ تدابير رسمية لذلك ولا يزال اسمه مدرجا على بطاقات الاقتراع المتوافرة للناخبين، إلى جانب كينياتا والمرشحين الستة الآخرين.
ومن المتوقع، ما لم يحصل تطور غير منتظر، أن يفوز كينياتا بولاية جديدة، غير أنه سيعاني من قصور ديمقراطي في هذا البلد، وسيخضع فوزه قبل المصادقة عليه رسميا حتى لكثير من الطعون القضائية.
ويقول محللون إن مقاطعة المعارضة ستلطخ مصداقية الانتخابات في كينيا وتعمق أسوأ أزمة سياسية تشهدها منذ الانتخابات الرئاسية في 2007 والتي تسببت في عنف إتني أسفر عن مقتل 1100 شخص.
فرانس 24