أخبار

زيارة مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI إلى إفريقيا: تعزيز الشراكات الأمنية

قام مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي  FBI كريستوفر راي مؤخرا بزيارة إلى إفريقيا حيث زار كل من كينيا ونيجيريا، وتعتبر هذه أول زيارة له إلى منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا منذ توليه هذا المنصب. وتأتي هذه الزيارة بعد تواتر تقارير دولية وأممية، وخاصة من مجلس الأمن حول تنامي نشاط القاعدة وداعش في إفريقيا وتحول القارة إلى مركز عالمي لأنشطة هذه التنظيمات، كما أكدت زيارته التزام مكتب التحقيقات الفيدرالي بتعزيز الشراكات في المنطقة للتصدي لمجموعة متنوعة من التهديدات، بما في ذلك الإرهاب والجرائم الإلكترونية والفساد.

ابرز ما جاء في زيارة كينيا

التقى المدير راي مع كبار المسؤولين من عدة وكالات رئيسية في نيروبي من ضمنهم، مديرية التحقيقات الجنائية (DCI)، جهاز المخابرات الوطنية (NIS)، هيئة الأخلاقيات ومكافحة الفساد (EACC)، مكتب مدير النيابات العامة (ODPP)، وناقش خلال هذه اللقاءات مبادرات مكافحة الفساد وجهود مكافحة الإرهاب، مؤكدا على أهمية هذه الشراكات في مكافحة التطرف ومنع الهجمات الإرهابية. وكان أحد الأحداث البارزة هو حضوره الاجتماع الأول لقائد فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب في كينيا (JTTF-K)، هذه الفرقة التي تم إنشاؤها في عام 2020، وتم تأسيسها ووضع استراتيجياتها من قبل  مكتب التحقيقات الفيدرالي في الولايات المتحدة وهدفها تنسيق التحقيقات في مجال الإرهاب عبر الوكالات.

وسلط راي الضوء على فعالية فرق العمل المشتركة في جمع الموارد والخبرات من وكالات متعددة لمعالجة الإرهاب ضمن إطار قانوني، والدعوة إلى اتباع نهج تعاونية مماثلة على المستوى الدولي.

أبرز ما جاء في زيارة  نيجيريا:

وفي أبوجا، التقى راي مع كل من الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو ومستشار الأمن القومي نوح ري بادو

وغيرهم من كبار القيادات الأمنية والسلطة التنفيذية في نيجريا.

وركزت اللقاءات على الشراكة المستمرة بين مكتب التحقيقات الفيدرالي ونيجيريا في معالجة الإرهاب وجرائم العنف والجرائم الإلكترونية. وتم التأكيد على التزام نيجيريا بالجهود المشتركة ضد التهديدات الإجرامية والإرهابية العابرة للحدود الوطنية وناقش دعم مكتب التحقيقات الفيدرالي للمركز الوطني النيجيري لمكافحة الإرهاب (NCTC) ومكتب مستشار الأمن القومي (ONSA).

كما التقى راي برئيس لجنة الجرائم الاقتصادية والمالية (EFCC)، مشيدا بتعاونهم مع مكتب التحقيقات الفيدرالي في مكافحة الجرائم الإلكترونية ومخططات الابتزاز الجنسي. وتعهد بتوفير تدريب وموارد إضافية لتعزيز قدرات EFCC.

وفي معرض تناوله لمسألة عمليات الاختطاف للحصول على فدية، أشار راي إلى أن وحدة جرائم العنف الدولية التابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي تعمل مع السلطات التنفيذية النيجيرية لتوفير الدعم والتدريب في مجال التحقيق.

الانعكاسات:

وتأتي زيارة راي في الوقت الذ تعمل فيه الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة على توسيع نفوذها في أفريقيا. وتشير تقديرات المخابرات الأمريكية إلى أن حركة الشباب في الصومال تضم الآلاف من الأعضاء وموارد مالية ضخمة، وامتد نفوذها إلى جنوب القارة، مما يجعلها تشكل تهديدا كبيرا. وشدد راي على الحاجة إلى بذل جهود تعاونية لمواجهة هذه الجماعات، مشيرا إلى المخاطر المحتملة التي تشكلها خارج المنطقة.
كما أن نشاط الجماعات في منطقة الساحل والصحراء وغرب إفريقيا تصاعدت وصارت تسيطر فيها هذه التنظيمات على مساحة شاسعة وتحت إمرتها الآلاف من المقاتلين وبحوزتها موارد كبيرة، وكل هذا تزامن مع انهيار التحالفات الإقليمية لمكافحة الإرهاب بين دول المنطقة كمنظمة الساحل G5، وتعاظم  نفوذ روسيا في المنطقة.

ولهذا تعكس الزيارة أيضا المصالح الاستراتيجية الأمريكية الأوسع في إفريقيا. على سبيل المثال، تم تصنيف كينيا مؤخرا على أنها “حليف رئيسي من خارج الناتو” من قبل الرئيس بايدن، وهي خطوة تهدف إلى تعميق العلاقات الثنائية، كما أن واشنطن تعتبر أن نيجيريا حليف استراتيجي هام في القارة الإفريقية ومنطقة غرب إفريقيا وخاصة في ظل تعاظم النفوذ الروسي خلال السنوات الأخيرة في المنطقة.

تعليق

تؤكد الزيارة التي قام بها مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كريستوفر راي إلى كينيا ونيجيريا على أهمية التعاون الدولي في التصدي للتهديدات الأمنية المتزايدة في أفريقيا. وتأتي هذه الزيارة في وقت تواجه فيه المنطقة تحديات كبيرة، مع توسيع الجماعات المتطرفة مثل داعش والقاعدة نفوذها.

ففي كينيا، التي أشارت فيها المناقشات بين FBI والوكالات الرئيسية ورفقة حضور راي  أول اجتماع لقائد فرقة العمل المشتركة لمكافحة الإرهاب في كينيا (JTTF-K) على الأهمية المرحلية لمكافحة الإرهاب. ويتأثر المشهد الأمني ​​في كينيا بشدة بعدم الاستقرار الإقليمي، مع انتشار التهديدات من الصومال، وموزمبيق، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والسودان. وقد شهدت هذه المناطق طفرة في الأنشطة الإرهابية والصراعات المسلحة خلال الفترة الأخيرة، مما يشير إلى ضرورة بذل جهود تعاونية قوية.

وفي نيجيريا، ركزت اجتماعات راي مع الرئيس بولا أحمد تينوبو، ومستشار الأمن القومي نوح ري بادو، وغيرهم من المسؤولين على مكافحة الإرهاب، وجرائم العنف، والجرائم الإلكترونية. وتواجه نيجيريا تحديات هائلة ناجمة عن عدم الاستقرار في منطقة الساحل، حيث شهدت دول مثل مالي وبوركينا فاسو والنيجر انقلابات عسكرية وتزايد الأنشطة المتطرفة، رفقة تعاظم النفوذ الروسي في المنطقة. وقد أدت هذه التطورات إلى تعقيدات كبرى فيما يتعلق بالأمن الإقليمي، ونيجيريا إلى لعب دور بالغ الأهمية في مكافحة هذه التهديدات.

وتسعى زيارة راي التزام مكتب التحقيقات الفيدرالي بتعزيز الشراكات لتعزيز الاستقرار الإقليمي وحماية الأمن العالمي. كما أنه يندرج ضمن استراتيجية تعزيز واشنطن لنفوذها في إفريقيا ومكافحة التوسع الروسي فيها، ويذكر أن واشنطن دشنت استراتيجية جديدة في إفريقيا في 2022، تحاول تجاوز القصور الذي صاحب عددا من المبادرات الأمريكية في التعاطي مع الشأن الإفريقي، في ظل سباق صيني في المجال الاقتصادي ومسعى روسي في التمدد في الفضاءات المتعلقة بالجوانب الأمنية والعسكرية، وقد أصابت نجاحات بدرجة كبيرة.

اترك تعليقاً

إغلاق