أخبار
حقوقيون تونسيون ينتقدون قانوناً جديداً لتنظيم عمل الجمعيات
خلّف مشروع قانون جديد لتنظيم عمل الجمعيات في تونس جدلاً سياسياً وقانونياً وحقوقياً حاداً؛ حيث أبدت منظمات حقوقية عدة، مخاوف من إمكانية التضييق على عمل الجمعيات، ووجدت هذه المنظمات مساندة من قبل بعض المنظمات الحقوقية الدولية، على غرار منظمة العفو الدولية، وفي المقابل دافع 10 من نواب البرلمان التونسي، وهم أصحاب المبادرة، عن هذا القانون، بحجة أن هناك انفلاتاً حصل في عمل الجمعيات «حتى باتت تتستر على عدد من الممارسات المالية المشبوهة، وأصبحت تمد بعض الأحزاب السياسية بما عرف في تونس بالمال الفاسد».
ووفق ما تسرب من معطيات، فإن مشروع القانون الجديد، المكون من 20 فصلاً، يمنح سلطة تقديرية واسعة لرئاسة الحكومة في إدارة الجمعيات، والاعتراض على تشكيل جمعية في غضون شهر بعد التصريح بتشكيلها، وخلال هذه الفترة لا يسمح للمنظمة بالعمل.
وبهذا الخصوص، قالت فاطمة المسدي، النائبة في البرلمان التونسي الحالي، إن مشروع قانون تنظيم العمل الجمعوي «سيحدث ثورة حقيقية، وسيعيد للمجتمع المدني بريقه وقانونيته في إطار المراقبة والقانون»، كاشفة عن تقديم مبادرة تشريعية تتعلق بمشروع قانون لتنظيم عمل الجمعيات منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى البرلمان، لكن تم تأجيل النظر فيه إلى غاية الانتهاء من قانون المالية لسنة 2024. ومن المنتظر أن تشرع اللجان البرلمانية في مناقشة هذا القانون الجديد قريباً.
ونفت المسدي وجود أي أسباب للتخوف من مشروع القانون، وقالت بهذا الخصوص: «من يتخوف منه له ارتباطات وأذرع مع الخارج»، موضحة أنه «لا توجد حالياً أي رقابة على الجمعيات، والآلاف منها توجد على الأوراق فقط، وليس على أرض الواقع… وهذا القانون سيتم سنّه لوضع حد لعبث السنوات العشر الماضية، وإعادة النبل للعمل الجمعوي».
يذكر أن الحكومة التونسية أعلنت عن مشروع قانون لتنقيح المرسوم المتعلق بعمل الجمعيات، لكن هذه المبادرات ومشاريع القوانين أثارت حفيظة مكونات المجتمع المدني، التي رأت أن السلطة تحاول التضييق على عمل الجمعيات؛ حيث عبّرت 48 جمعية ونقابة ومنظمة تونسية عن رفضها مشروع القانون الجديد حول عمل الجمعيات وضبط قنوات تمويلها، معتبرة أنه يمثل «تهديداً لحرية عملها في المجتمع المحلي».
في السياق ذاته، أكدت منظمة العفو الدولية أنه «يجب على المشرعين التونسيين الامتناع عن المصادقة على مشروع قانون يحتوي على تقييدات شديدة، من شأنها في حال إقرارها تهديد استمرارية عمل منظمات المجتمع المدني المستقلة في تونس». وقالت إن مشروع القانون «يتضمن قيوداً غير ضرورية، وغير متناسبة على تشكيل ونشاط وتمويل منظمات المجتمع المدني، ويهدد استقلاليتها من خلال السماح للحكومة بالتدخل غير المبرر في عملها».
وقالت المنظمة ذاتها إن مشروع القانون «يمنح السلطات التنفيذية سلطات واسعة وغير مقيدة، تتعارض تعارضاً تاماً مع القانون الدولي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، فيما يخص حرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. كما يزيل الضمانات الأساسية ضد التدخل غير المبرر من جانب السلطات في عمل الجمعيات، ولذلك من الضروري على السلطات الامتثال لالتزاماتها الدولية بتسهيل عمل منظمات المجتمع المدني، وليس التقليل من استقلاليتها من خلال فرض رقابة حكومية مفرطة».
وكان الرئيس قيس سعيد قد انتقد بشدة عمل الجمعيات التونسية، واتهمها بتلقي تمويلات خارجية، وضخها لفائدة أحزاب سياسية.