شهد الأسبوع الثالث عشر تطورات مهمة ومتتالية على المستويين السياسي والعسكري، حيث شهد تراجعا ملحوظا في هجمات قوات الدعم السريع على المواقع العسكرية للجيش وانحسرت عملياتها بشكل عام، ما فسره الكثيرين باعتبارها نتيجة منطقية لتراجع قوتها ونقصان عتادها وعدتها وفقدان قيادة تعيد ترتيب صفوفها ومصفوفة أهدافها، مع تقدم واضح لعمليات التمشيط لمساحات واسعة من أحياء العاصمة التي تسيطر عليها مليشيات الدعم السريع، الأمر الآخر والجدير بالملاحظة كذلك هو نتائج الحراك السياسي، وتفاعلاته خاصة بعد قمة دول الجوار التي استضافتها القاهرة، مع تسريبات هنا وهناك عن رغبة واستعداد الدعم السريع بالبحث عن مخرج آمن، في ظل الإدانات الواضح له من الهيئات الدولية بأنها ارتكبت جرائم قتل جماعي في دارفور وهي من بدأت الحرب في 15 أبريل.
العمليات القتالية
على الرغم من تفاؤل الأوساط المختلفة بتصريحات الفريق الكباشي الت فُهمت على انها رغبة في العودة إلى طاولة التفاوض والحوار، إلا أن المواجهات العسكرية لم تتوقف لحظة بل ازدادت ضراوتها في بعض المناحي والمناطق، حيث تركزت المواجهات في الخرطوم وولاية شمال كردفان.
شهدت الخرطوم استمرار للمعارك العنيفة استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة ولم تخل مدينة من مدنها الثلاث من مواجهات يومية بالمدفعية الثقيلة والقصف بالطيران الحربي والمسيرات، والاشتباكات المباشرة بعد أن أعاد الجيش تفعيل القوات الخاصة وبدأت في تأدية المهام الخاصة ضد قوات الدعم السريع.
استهدف الطيران الحربي مواقع وارتكازات الدعم السريع بالمدن الثلاث الخرطوم والخرطوم بحري وأم درمان ومعسكرات الدعم السريع في كل من طيبة الحسناب بجنوب الخرطوم وشرق النيل، مع استمرار الدعم السريع بقصف مدفعي يكون المدنيين أكثر المتضررين منه، كما جاء في بيانات القوات المسلحة.
في إطار العمليات التي تقوم بها القوات الخاصة والأجهزة الأمنية تم القبض على أسلحة متنوعة ( قناصات ودوشكات و ومخدرات) تقول السلطات انها كانت في طريقها إلى المتمردين.
كما داهمت الأجهزة الأمنية بأم درمان موقعا يتبع للدعم السريع وتم ضبط كميات من المستندات والوثائق وقوائم الأنشطة والمتعاونين بأم درمان مع أجهزة اتصالات وأسلحة وذخائر.
تمشيط شارع النيل ضمن ما أعلنه الجيش في المراحل النهائية لحسم التمرد وهو أمر إذا تحقق فسيكون له ما بعده خاصة مع التمشيط الذي تم في منطقة بري شرقي الخرطوم.
الطيران الحربي يستهدف مواقع وراجمات صواريخ ومخازن أسلحة ثقيلة وذخائر بمختلف أنواعها تابعة للدعم السريع بشرق النيل
جرت مواجهات عديدة حول مدينة الأبيض وداخل أحيائها وقام الطيران الحربي باستهداف ارتال الدعم السريع في مختلف المواقع وعلى إثره انسحبت أعداد من سيارات الدعم السريع من مناطق الرهد وأبو الغر إلى مناطق حول مدينة أم روابة بعد الغارات التي نفذها الطيران
الدعم السريع يعلن عن انضمام مجموعة جديدة من القوات المسلحة له من الفرقة السادسة بالفاشر شمال دارفور.
نفذ الجيش عملية عسكرية وجوية وصفها بالأقوى والأعنف منذ بداية الحرب حيث وجه ضربة كبيرة استخدم فيها طائرات السوخوي الحربية، بقصف مواقع وتمركزات الدعم السريع الذي جمع فيها قوة كبيرة لمهاجمة مدينة الكاملين في ولاية الجزيرة حسب بيان القوات المسلحة، وهذا في كل من منطقة جياد والنوبة والمسعودية والباقير جنوبي الخرطوم وألحقت بالتمرد خسائر كبيرة قدر عدد قتلى الدعم السريع بأكثر من 80 قتيلا وعدد كبير من الجرحى، واستلام 32 عربة قتالية، وعلق البعض على هذه العملية باعتبارها نقطة فارقة في مسار العمليات بين الجيش والدعم السريع وسيكون لها أثر على مستقبل الدعم السريع.
بعد اشتباكات بين قوات من الدعم السريع ومجموعات من قبائل الكبابيش والكواهلة وقتل أفراد من الكبابيش على يد الدعم السريع انشقت مجموعات من أبناء الكبابيش من الدعم السريع وانضمت إلى فزعة القبيلة
الحراك السياسي
بعد التصريح القنبلة الذي خلط به الفريق الكباشي الساحة السودانية في 15 يوليو الجاري والتفاؤل الذي زرعه بعودة الوفد المفاوض إلى جدة خفت الحديث عن التفاوض والحوار بعد ذلك.
تصريحات وزير الخارجية
علق وزير الخارجية المكلف السفير على الصادق علي احتمالات التوصل لهدنة قائلا: المعلومات التي يتم تداولها بشأن احتمالات التوصل إلى هدنة في مسار مفوضات جدة غير دقيقة ولا تعكس الواقع ولم تستأنف المفاوضات غير المباشرة أعمالها بعد، بصورة جيدة والقبول بهدنة أخرى مشروطة بالتزام المتمردين بإخلاء المرافق والخروج من منازل المواطنين، وألحق بهذا التصريح بعد ايام تصريحا آخر يقول فيه بأن التوصل غلى هدنة مشروط بالتزام الدعم السريع بإخلاء المرافق العامة ومنازل المواطنين ووقف النهب والسلب.
الدعم السريع يبحث خروجا آمنا
تداولت عدد من الأوساط السياسية السودانية والإعلامية معلومات أسندتها إلى مصادر مؤكدة وموثوقة، بأن قائد ثاني الدعم السريع عبد ارحيم دقلو التقى في أم جرس التشادية بمندوب أمريكي وآخر كيني وثالث خليجي، كل على حدة ونقل غليهم حسب المصادر رغبتهم في خروج آمن مع منحهم دور عسكري وسياسي في المستقبل، ولهذا السبب اتصل الرئيس الكيني بالفريق البرهان رغم رفض البرهان التعامل مع روتو ولكن قبل الاتصال ليبلغه مطلب حليفه، ثم اتصل بلينكن وزير الخارجية الأمريكي بالبرهان وابلغه ذات الرسالة وعلى هذا الساس وافق البرهان على عودة الوفد إلى طاولة التفاوض في جدة، وأشار بذات الرسالة مستشار الدعم السريع يوسف عزت عندما قال بأنه سيتم التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار والانتقال إلى مرحلة أخرى.
لقاء توغو
بعد التقارير التي تحدثت عنها الأمم المتحدة وهيئات حقوق الإنسان وشروع محكمة الجنايات الدولية في تحقيقات حول جرائم القتل التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، وفي مسعى فسره المراقبون على أنه محاولات لتحييد أبناء دارفور في الحرب الراهنة، دعا الدعم السريع وبدعم من جهات إقليمية داعمة له لقاء أطلق عليه اللقاء التشاوري لأبناء دارفور بولمي عاصمة توغو، وقد أكد عزت الماهري مستشار الدعم السريع مشاركتهم في اللقاء بينما اعترضت عليه بعد الفصائل المنتمية لدارفور، لغموض الأجندة واشتباه وجود أجندة خفية في الأمر بينما ترى بعض المصادر ان اللقاء يهدف لإتاحة الفرصة لقيادات دارفور لمناقشة تداعيات الحرب الدائرة الآن بين قوات الدعم السريع والجيش علي دارفور والسودان عامة وبلورة افكار تفضي الي اتخاذ موقف موحد حيال درء تأثيرات الحرب علي تماسك المجتمع الدار فوري وايجاد حل جذري للازمة السودانية بأكملها.
خلاصة
مع اشتداد المواجهات في الخرطوم وشمال كردفان على وجه الخصوص إلا أن أصواتا متفائلة تتحدث عن قرب التوصل إلى إيقاف نهائي للحرب بينما يعلن الفريق ياسر العطا بأن الخرطوم ستكون خالية من الجنجويد في القريب العاجل ما يعني استمرار الحرب وإصرار على الذهاب إلى ابعد مدى، مع ملاحظة اللغة الهادئة والتي تميل إلى البحث عن مخارج سياسية في خطابات الدعم السريع سواء كانت عبر التسجيلات المنسوبة إلى قائده أو تصريحات مستشاره يوسف عزت.
كما يظهر ميل مناصري القوات المسلحة إلى استمرار الحرب حتى دحر تمرد الدعم السريع وهو ما تميل إليه الغالبية من خلال الاستجابات الواسعة للالتحاق بالجيش بعد النداء الشهير من قائده العام الفريق البرهان، فهل سنشهد انعطافا لمسار الحرب أم نشهد نجاحا لأحد منابر الوساطات وصولا إلى حل ما.
المصدر: المركز الإفريقي للابحاث ودراسة السياسات