أخبار

معركة السيطرة على الخرطوم: المشهد السوداني في الأسبوع الثامن 12 يونيو

بعد أن تحولت الخرطوم إلى مسرح للعمليات واحتدمت المعارك، يضيق ويتوسع نطاقها، ما قطعته إلا هدنة قصيرة ليوم واحد، سكتت فيها المدافع برهة ليتواصل القتال بعد 15 دقيقة فقط من انتهاء هدنة ال 24 ساعة، شهد الأسبوع المنصرم توسعا لنطاق المواجهات العنيفة ليشمل عددا من ولايات درافور، في حرب وصفها البعض بأنها تُكرر ما حدث في رواندا في 1994، لشدة ضراوتها ولتعمق البعد القبلي فيها، وسط نداءات ومبادرات متعددة محلية وإقليمية ودولية، تسعى للوصول إلى تصور لإنهاء القتال والوصول إلى تسوية ما للوضع القائم في السودان.

الواقع الميداني للمواجهات العسكرية

شهد الأسبوع المنصرم أشرس أنواع المعارك بين الجيش والجدعم السريع، ذلك للمحاولات المستميتة والعديدة التي بذلتها قوات الدعم السريع للسيطرة على عدد من قواعد الجيش الرئيسية في كل من قيادة المدرعات بالشجرة، ومجمع اليرموك للأسلحة والذخائر، ومعسكر الاحتياطي المركزي وهي المراكز التي حاول الدعم السريع السيطرة عليها، ولم ينجح مثل محاولاته السابقة.

– هجمت قوة كبيرة من الدعم السريع على مجمع اليرموك الذي لم تنجح فيه هذه المرة أيضا، وحسب بيانات الجيش فقد تكبدت قوات الدعم السريع خسائر كبير حيث تم تدمير 30 عربة كاملة التسليح واستلام 15 عربة وخسائر بشرية كبيرة

– غارات جوية للطيران الحربي على مواقع للدعم السريع جنوب الخرطوم ووسطه وجنوب أمدرمان

– اشتباكات في محيط معسكر الاحتياطي المركزي بعد محاولات الدعم السريع للتسلل إلى داخله ومحاولة الاستيلاء عليه واشتباكات أخرى في مناطق أركويت والمعمورة والمجاهدين والحي الراقي.

– وفي غارات للطيران الحربي على مناطق في أم درمان تمكن الجيش من تحرير 900 أسير مدني وعسكري كانت تحتجزهم قوات الدعم السريع

– ومنذ الجمعة دارت معارك عنيفة في مدن العاصمة الثلاث، وتمكن الجيش من إحراز تقدم على عدد من الجبهات وحرر كبري الحلفايا الذي تستخدمه قوات الدعم السريع لإدخال الأسلحة والتشوينات من اتجاه الغرب وتقوم بإخراج أي قوة تريدها إخراجها أيضا في ذات الاتجاه، وقد أظهرت بعض الفيديوهات عودة قوات الدعم السريع ‘لى شرق الكبري في أتجاه الخرطوم بحري، ولكن يصعب التأكد من صحته.

– قام الجيش يعمليات تمشيط واسعة في عدد من أحياء الخطوم وأم درمان بعد المحاولات الفاشلة للدعم السريع الاستيلاء على قواعد للجيش في الخرطوم

– أعلن الجيش عن استعادة السيطرة على قاعدة النجومي الجوية بجبل أولياء بعد معارك عنيفة مع قوات الدعم السريع والتي كانت تحت سيطرتها منذ اندلاع الحرب في 15 من ابريل الماضي.

– أعلنت قيادة منطقة البحر الأحمر العسكرية عن إحباط محاولات تهريب كميات من الأسلحة والذخائر والمتفجرات وهواتف الثريا كانت في طريقها للدعم السريع حسب البيانات الصادرة.

– تم تداول أخبار تفيد برصد عدد 55 سيارة تتبع للدعم السريع بالقرب من مدينة كسلا بشرق السودان، تقول المصادر بأنها وصلت هناك عبر منطقة البطانة إلى الحدود الإرترية لاستلام أسلحة متطورة وفرتها للدعم السريع إحدى الدول تشمل صواريخ الكورنيت واستريلا وبنادق قناصة متطورة.

– ظهر في فيديو موثق أحد القيادات المُعارضة للحكومة التشادية واسمه حسن شوشو في شوراع الخرطوم يقاتل إلى جانب الدعم السريع، كما سُمع تسجيل لأحد أقاربه وهو دبلوماسي تشادي سابق يدعم تواجد القيادي التشادي في الحرب الدائرة في السودان مما اضطر السلطات التشادية إلى اعتقاله.

– تصاعدت المعارك بين الجيش وقوات «الدعم السريع» في دارفور، وقد اتسعت باندلاع اشتباكات ذات طابع قبلي، ما دفع الهيئة النقابية لأطباء ولاية غرب دارفور للتحذير من تجدد القتال في مدينة الجنينة، غربي البلاد. وقالت في بيان يوم الخميس إن «الجنينة تتعرض منذ الأربعاء لموجة جديدة من الهجمات، تركز على الأحياء الشرقية والجنوبية، متوقعة أن تتسع وتتخذ طابعا أشد عنفا خلال الفترة المقبلة». وتأتي هذه الهجمات في ظل وضع إنساني وأمني كارثي، حيث أشارت الهيئة إلى انهيار الخدمات في المدينة منذ بداية مايو/ أيار الماضي، مبينة أنه «لم يعد في المدينة التي يسكنها نحو مليون شخص أي من أسباب الحياة في ظل ندرة حادة في الغذاء ومياه الشرب والدواء».

لجنة عليا لإدارة الأزمة

أعلن مجلس الوزراء عن تشكيل لجنة عليا لإدارة الأزمة، بعضوية كل من رئيس الوزراء المكلف ووزراء المالية والخارجية والصحة والرعاية الاجتماعية ووزارة الاتصالات والتجارة والإعلام ووالي الخرطوم ومدير عام جهاز المخابرات والشرطة وممثل عن القوات المسلحة.

مصر تلزم كل الأعمار بتأشيرة مسبقة

شرعت السلطات المصرية في اتخاذ إجراءات جديدة لدخول السودانيين عبر معابرها وهي إلزام الجميع بالحصول على تاشيرات مسبقا، كما رفضت إضافة الأطفال والوثائق الاضطرارية وتمديد الجواز عبر الأختام ومنع الجوازات منتهية الصلاحية وهي إجراءات قدمت فيها مصر تسهيلات في الأيام الأولى للحرب، مما ضاعف معاناة العالقين في المعابر الحدودية انتظارا لدخول مصر. وبررت مصر اللجوء إلى هذا الإجراء بأنه جاء بعد متابعة لأنشطة مشبوهة تشكل خطرا على البلاد وكانت الأعمار بين 18 و50 سنة هي التي يتطلب حصولها على التاشيرة بينما كانت تدخل النساء والأطفال وكبار دون الحاجة إلى تاشيرات مسبقة

الأوضاع الإنسانية

انعقد في مدينة بورتسودان اجتماع اللجنة العليا لمتابعة الأوضاع الإنسانية بالسودان برئاسة وزير التنمية الاجتماعية الاتحادي رئيس اللجنة أحمد آدم بخيت، بهدف معرفة موقف توزيع المساعدات وموقف احتياجات الولايات إضافة إلى مناقشة الترتيبات الخاصة بدخول ممثلي البعثات الدبلوماسية إلى السودان.

– تتضاعف معاناة المواطنين في مدينة الخرطوم بسبب انقطاع المياه عن عدد من الأحياء بعد احتلال قوات الدعم السريع لعدد من محطات المياه واعتقال العاملين فيها، وهي محطة المقرن وسوبا ومحطة مياه بحري وبيت المال في أم درمان.

– معاناة السودانيين في حلفا على المعبر بين مصر والسودان، بسبب نقص الطعام والمياه والرعاية الصحية وارتفاع الأسعار بسبب طمع التجار، يضاف إليه صعوبة الحصول على تأشيرات الدخول، والانتظار الطويل.

– افادت تقارير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنه تمكن من تقديم مساعدات غذائية طارئة لأكثر من 800 ألف شخص في 14 ولاية من أصل 18 ولاية سودانية، كما تحدث عن حاجة حوالي 9 ملاين شخص في دارفور وحدها بحاجة إلى مساعدات عاجلة ولكن على الرغم من التحديات الكثيرة تواصل 68 منظمة إنسانية توسيع عملياتها للوصول إلى أكبر عدد من الناس في السودان.

– رفضت الحكومة السودانية دعما طبيا قدمته دولة الإمارات العربية وهو عبارة عن مستشفى ميداني يشمل عددا من التخصصات الطبية( جراحة عامة وجراحة عظام وتخدير والعناية المركزة) ومجهز بعدد 50 سرير توافقه قوى بشرية من 70 طبيب وممرض وفي وقت سابق رفضت الحكومة كذلك دعما كان عبارة عن أدوية ومواد غذائية ومعدات طبية.

مبادرات ومبادرات

رغم استمرار منبر جدة كوساطة مستمرة بين الطرفين إلا أن بعض المحاور بدأت في التحرك بدفع المبادرات هنا وهناك بهدف تحريك الوضع نحو إسكات السلاح والبحث عن استكشاف إمكانية إقناع الأطراف المتحاربة الرجوع للحل السلمي:

المبادرة الوطنية

المبادرة الوطنية لحل الأزمة السودانية

هي مبادرة قدمتها شخصيات سودانية رفيعة المستوى حسب كثير من المصادر، وهي المبادرة الثالثة على المستوى المحلي منذ اندلاع الحرب حيث سبقتها مبادرة “الآلية الوطنية لدعم التحول الديمقراطي” ومبادرة أخرى تحت عنوان” الجبهة المدنية لإيقاف الحرب” تركزت جميع هذه المبادرات على وقف إطلاق النار وقد تواصل أصحاب هذه المبادرات مع الاتحاد الإفريقي والجامعة العربية، ولا تخلوا من مبادرات أخرى قيد الإطلاق من قبل أكاديميين وناشطين وباحثين.

مبادرة الإيغاد

وهي المبادرة التي تم تكليف ثلاث رؤساء أفارقة لقيادتها وهم الرئيس الكيني وليم روتو والرئيس الجنوب سوداني سلفا كير ميارديت ورئيس جيبوتي عمر جيلة، وقد عقدت اللجنة الثلاثية اجتماعا في جيبوتي قبيل انعقاد قمة الإيغاد التي تنعقد خصيصصا للأزمة السودانية وذلك بهدف تقديم مقترحات يتم تبنيها من أجل إنهاء الحرب في السودان.

مبادرة الإتحاد الإفريقي

تلقى الفريق البرهان اتصالا هاتفيا من الرئيس القمري غزالي عثمان وهو الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي في دورته الحالية، متحدثا عن الجهود المبذولة عبر منبر جدة لحل الأزمة السودانية، رغما عن فشل الهدن التي تم الإعلان عنها في السابق مؤكدا على ضرورة أن يكون الحل إفريقيا لإحلال السلام في السودان، وكان الاتحاد الإفريقي في السابق قد أعلن عن خارطة طريق من 6 بنود منها أن تعمل الآلية الموسعة من الاتحاد الأفريقي، على ضمان تنسيق جميع الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية.

ونصت خارطة الطريق وفق البيان، على

1- ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية.

2- الاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع.

3- ضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني.

4- الاعتراف بالدور المحوري الذي تلعبه الدول المجاورة، المتأثرة بالنزاع.

5- استكمال العملية السياسية الانتقالية الشاملة، بمشاركة جميع الأطراف السودانية

6- تشكيل حكومة مدنية ديمقراطية في البلاد.

الجهود الدبلوماسية

– زار نائب رئيس المجلس السيادي مالك عقار إثيوبيا للتفاكر مع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد وقيادة الاتحاد الإفريقي وعلى رأسها السيد موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي

– قام السفير دفع الله الحاج المبعوث الخاص لرئيس المجلس السيادي بزيارة إلى تركيا استغرقت يوما واحدا كان ملخص نتائجها ان تركيا أعلنت مساندتها ووقوفها مع الشرعية وأبدت استعداداها للتعاون مع الحكومة السودانية لإنهاء الأزمة والمساهمة في إعمار ما دمرته الحرب.

– عقد القائم بالأعمال السوداني في القاهرة والسفير الصادق عمر مدير إدارة مصر بالخارجية السودانية والوزير المفوض المسئول عن تنسيق المعابر، بغرض تذليل إجراءات العالقين في المعابر وطلب زيادة الموظفين في المعابر والقنصلية المصرية في حلفا، فضلا عن فتح القتصلية المصرية بمدينة دنقلا شمالي السودان.

– كما بحث السفير دفع الله الحاج مبعوث رئيس مجلس السيادة مع الخارجية المصرية العلاقات المشتركة وتسهيل حركة المعابر للتخفيف عن معناة العالقين.

أزمة فولكر بين السودان والأمم المتحدة

بعد مطالبة البرهان للأمين العام للأمم المتحدة استبدال فولكر أعلنت الخارجية السودانية أن فولكر شخص غير مرحب به وفق الاصطلاح الدبلوماسي Persona Non Grata حيث جاء في البيان: تود وزارة الخارجية الإفادة بأن حكومة جمهورية السودان قد أخطرات السيد الأمين العام للأمم المتحدة رسميا بإعلان السيد فولكر بيريتس ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة يونيتامس شخصا غيرا مرحبا به، وردت الأمم المتحدة على بيان الخارجية السودانية بأن مبدأ الشخص غير المرغوب فيه لا ينطبق على الموظفين الدوليين، ولا يُعلم كيف ستتعامل الحكومة السودانية مع الموقف، ولكنها اعتمدت الدبلوماسية الكاميرونية كرئيس لبعثة الأمم المتحدة في السودان، وهي مسئولية تختلف عن تكليف فولكر بطبيعة الحال فهل تستجيب الأمم المتحدة لمطلب السودان أم يظل الأمر عاقا دون حل؟.

خاتمة

ما يمكن ملاحظ في الفترة الأخيرة هو كثافة التحركات والمبادرات الداعية إلى وقف نهائي ودائم لإطلاق النار والبحث عن الحلول السلمية، ورفض الجميع للحل العسكري فهل تفلح الوساطات في إيجاد مخرج لعنق الزجاجة التي دخل فيها السودان، ام تكون الحلول العسكرية هي المتاحة رغم فداحة أثمانها وخسائرها.

المصدر: المركز الافريقي للابحاث ودراسة السياسات

اترك تعليقاً

إغلاق