موزمبيق

شركات الطاقة الأوروبية مهتمة باستخراج الغاز من موزمبيق

تبرز موزمبيق على السطح كأرض استخراج الغاز الجديدة والواعدة ذات المستقبل التجاري الباهر، ما يمثل فرصة ذهبية للشركات الأوروبية لاستغلال هذا البلد الأفريقي من أجل القيام بأعمال دولية تدرّ عليها أرباحاً طائلة. ويجمع خبراء الطاقة في برلين على أن موزمبيق، هذا البلد الفقير جداً الذي كان غائباً عن خريطة الهيدروكربونات الجغرافية، قد يصبح في الأعوام الخمسة المقبلة ثاني أكبر مصدّر للغاز الطبيعي المسال بعد قطر التي تحتل المرتبة الأولى عالمياً.

يقول الألماني فينسنت هانسمان الخبير في شؤون الطاقة الدولية، إن ما يجري من تحركات دولية تجارية في موزمبيق مماثل جداً لما حدث في الولايات المتحدة سابقاً في مجال استخراج الغاز الصخري، الذي سرعان ما غزا الأسواق الأوروبية. أما الفارق بينه وبين الغاز الموزمبيقي فهو يكمن في أن الأخير لن يحتاج إلى فترة زمنية طويلة بين استخراجه وبيعه في الأسواق الدولية.

«فهو لا يتطلب تكنولوجيا شديدة التطور، خصوصاً تلك المتعلقة بتكسير الصخور، التي تستخدم في الولايات المتحدة، وما زالت عرضة لانتقادات شديدة من المنظمات الرفيقة بالبيئة، ولا استثمارات ضاغطة على قدرات شركات الطاقة»، حسب هانسمان.

وأضاف أن جولات الاستشارات بين الحكومة الموزمبيقية ورؤساء الشركات الأوروبية بدأت منذ الربيع الماضي، وهي تسير في الاتجاه الصحيح، خصوصاً أن الشركات الأوروبية حصلت من حكومة موزمبيق على ضمانات تتعلق ببناء منشآت طاقة إنتاجية لها هناك. وتعتبر الشركات الإيطالية سبّاقة في تأمين وجود تجاري لها في موزمبيق، لأن شركة «سايبيم» أول شركة أوروبية نجحت في انتزاع عقد قيمته 6 مليارات دولار لتطوير حقول غاز واستخراجه منها عن طريق إبرام شراكة مع شركة «موزمبيق إل إن جي».

ويختم: «من المتوقع أن تحتل ألمانيا المركز الثالث في موزمبيق بعد إيطاليا وفرنسا عن طريق شركة (توتال) لناحية عدد الشركات الأوروبية المشاركة في مشروعات مستقلة أو مشتركة في هذا البلد الأفريقي. علماً بأن شركة (توتال) الفرنسية قررت استثمار 20 مليار دولار لاستخراج الغاز المسال من حقول محددة هناك. وستتمكن موزمبيق من تصدير ما لا يقل عن 12.9 مليون طن من الغاز سنوياً اعتباراً من عام 2024. وستتوجه معظم كميات الغاز هذه إلى دول آسيوية. وهذه ليست إلا بداية أعمال تصدير الغاز الموزمبيقي. وحتى نهاية عام 2019 قد تدخل شركة (إيون) الألمانية للطاقة في شراكة مع شركتي (إيني) الإيطالية و(إكسون موبيل) الأميركية لتأسيس شركة (روفوما إل إن جي) الموزمبيقية، التي سيكون لها قدرة إنتاجية ترسو عند 15.2 مليون طن من الغاز سنوياً، اعتباراً من عام 2024، حال جرت الأمور حسب التوقعات».

من جانبها، قالت الخبيرة الألمانية إيلينا روزمبيرغ، من مصرف «كوميرسبنك» في فرانكفورت، إن مشروعات الشركات الأوروبية التوسعية في موزمبيق لن تتعثر مالياً. فالمصارف الألمانية، على الأقل، مستعدة لدعم كافة تحركات شركات الطاقة الألمانية، بصرف النظر عن حجمها التجاري في موزمبيق، التي تستعد لدخول عالم تجاري واعد بعد تاريخ طويل من الحروب والفساد والعجز المالي الذي وضع حكومتها، قبل عامين، في صعوبات جمّة لناحية تسديد مستحقات دائنيها الذين اشتروا منها كميات ضخمة من أذون الخزينة.

وتضيف أن الغاز الموزمبيقي سيكون منافساً شرساً في أسواق الطاقة العالمية سوية مع الغاز المصدّر من قطر والولايات المتحدة وأستراليا. وبما أن الطلب على شراء الغاز سيرتفع عالمياً، نظراً لزيادة استهلاكه في الدول النامية، كما الصين والهند، لا يوجد قلق لدى الشركات الأوروبية من إمكان إخفاقها في تسويقه بالخارج.

وتختم: «يمثل استهلاك السفن التجارية المتزايد للغاز سوية مع استعماله لمؤازرة توليد الطاقة المتجددة، عاملاً حيوياً لتحفيز الشركات الأوروبية القادرة على المشاركة في تجارة الغاز الموزمبيقي الذي يتمتع بخصائص إضافية قياساً إلى منافسيه؛ أولها موقعه الجغرافي البعيد عن منطقة الشرق الأوسط التي تعيش حالة من عدم الاستقرار، كما أن نوعيته ممتازة، ولدى موزمبيق مستودعات كبيرة منه يمكن استغلالها في الأعوام الخمسين المقبلة، على الأقل. علاوة على ذلك، تحبّذ الدول الأوروبية كل ما له علاقة بتنويع واردات الغاز الطبيعي ضمن سياسة الأمن التجهيزي الطاقوي».

(الشرق الأوسط)

اترك تعليقاً

إغلاق