رغم انفصال جنوب السودان عن السودان الأم بعد استفتاء عام 2011م، إلا أن وشائج الدم والثقافة المشتركة بين القطرين لم تنفصم، وقد برز الفنان الجنوبي الشاب شول منوت كواحد من الوجوه الفنية التي تدلل على تلك الصلة التاريخية والحاضرة بين الجنوب والشمال.
لقد رحل منوت هذا الأسبوع، بعد معاناة طويلة مع مرض السل استمرت لثلاث سنوات، بعد أن رسم في قلوب أهل الشمال والجنوب، دليلاً وصورة قوية على أن الانقسام السياسي، لم يستطع أن يلغي الوجدان العاطفي والفني المشترك.
نجوم الغد
كان شول منوت، قد بزغ نجمه بعد أن فاز في برنامج “نجوم الغد” التلفزيوني المحلي، وتزامن ذلك مع الحراك السياسي في البلاد الذي قاد لانفصال الجنوب، بعد مرور خمس سنوات تقريباً على اتفاقية أنهت الحرب بين الشطرين.
وقد عبر منوت وقتها عن حزنه وهو يرى أفق الانفصال.
وقال بلهجة محلية: “الانفصال جاء وما عارفين نمشي وين”.
وقرر منوت أن يبقى في الشمال الذي عاش فيه وأحب تراثه الغنائي وصار نجماً مجيداً له، حيث غنى بصوت شجي لكبار الفنانين السودانيين وأعلام الطرب والموسيقى السودانية.
بل بات معروفاً للجميع وهو يظهر على شاشات التلفزة بما في ذلك تلفزيون جمهورية السودان الرسمي، وكذلك في الحفلات المختلفة ذات الطابع الجماهيري، في العديد من مدن البلاد.
المرض والمعاناة
رغم ذلك فقد ظل منوت فقيراً لا يملك قوت يومه، حتى إن قصة مرضه إلى وفاته ظلت محاطة بالكثير من الحيف باتجاه فنه وتضحيته.
وكان قد انتقل للعلاج من مدينة سنار إلى أم درمان في العاصمة، ولم يكن له ما يكفيه من مال للعلاج.
وبعد أن عجز عن العلاج لم يتم إنقاذه إلا عبر تعاطف محبيه بعد أن علموا بأمر مرضه، حيث أسرعوا للتضامن معه بعد حملة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبحت صورة منوت وهو يتلقى العلاج سريعة الانتشار وأيقونة وجدانية.
رحيل منوت
وفي إحدى المجموعات على الفيسبوك باسمه “من أجل المطرب شول منوت” نقرأ: “دخل هذا الصبي النابغة شول منوت قلوبنا عبر شاشة النيل الأزرق، في البرنامج الجماهيرى نجوم الغد، وهو يمثل نقطة من نقاط التماس ما بين شمال الوطن وجنوبه”.
وكان منوت لا يزال طالباً في جامعة سنار وحيث حرمه المرض العضال من كل شيء تقريباً، الغناء والدراسة، في حين رحل أخيراً وصداه يتردد برائعة الشاعر السوداني عبداللطيف عبدالرحمن: “أنت سوداني وسوداني أنا ضمنا الوادي فمن يفصلنا.. نحن روحان حللنا بدنا منقو قل لا عاش من يفصلنا”.
العربية