بعد أكثر من عامين على تنصيب محمد بخاري رئيساً لنيجيريا، في 29 مايو/أيار 2015، تتباين الآراء حول أدائه بين مؤيد ومعارض له.
ويواجه بخاري (74 عاماً) انتقادات ليس فقط من المعارضة، بل أيضا من مواطنين يقولون إنه لم يغير كثيرا الطريقة التي كانت تدار بها البلاد في عهد سالفيه.
وقالت عدايات حسن، رئيسة مركز الديمقراطية والتنمية(مؤسسة بحثية خاصة)، إن “الرئيس فشل في إدارة التوقعات العامة التي رافقت صعوده للسلطة، ولا بد من إنهاء شماعات اللوم، وأن تواجه الحكومة تحديات الوفاء بتعهداتها الانتخابية”.
واعتبرت أن أداء بخاري “متوسط ويمضي في الاتجاه الصحيح”، وأنه “يجب أن يتعلم التواصل مع الشعب”.
وعلى هامش اجتماع للمجلس البلدي في العاصمة أبوجا شاركت فيه “عدايات”، يوم الجمعة الماضي، شكّك عدد من أبرز قادة المجتمع المدني وصانعي الرأي في قدرة بخاري على الوفاء بوعوده الانتخابية، بعد أن قضى 884 يوما في منصبه.
وتم تنظيم هذا الاجتماع من قبل مركز الديمقراطية والتنمية ومبادرة “بخاري ميتر”، التي أطلقها المجتمع المدني، لتعقب وعود حملة بخاري الانتخابية، التي تندرج تحت ثلاثة عناوين رئيسية، وهي: مكافحة الفساد، والأمن، والاقتصاد.
وأبدى أربعة على الأقل من بين سبعة مشاركين في الاجتماع عدم رضاهم تماما عن أداء بخاري، رغم عدم وصفهم صراحة لهذا الأداء بأنه “فاشل”.
وقال الحاج غاروبا، أحد المشاركين، إن “الحكم ليس شأنا أسريا خاصا، لكن الرئيس يتناول القضايا كما لو كانت شأنا خاصا”.
وتابع: “أن يقوم الرئيس بتشكيل لجنة تحقيق حول مزاعم فساد ضد مسؤولين ثم لا ينشر تقرير اللجنة علنا فهذا الأمر بمثابة إفلات من العقاب”.
وفي 19 أبريل/ نيسان الماضي، أوقف الرئيس النيجيري أحد كبار مساعديه، وهو بابشير لوال، ومسؤول أمني رفيع المستوى، إثر ادعاءات فساد بحقهما، وأمر بتحقيق، وبالفعل تم تقديم تقرير إلى بخاري، يوم 23 أغسطس/آب الماضي، لكنه لم يعلن نتائجه.
ويواجه مسؤولون رفيعو المستوى آخرين ادعاءات مماثلة بالفساد، ومرارا طالب بخاري المدعين بتقديم إثبات ملموس.
كما رسمت مزاعم التوظيف السري من قبل مسؤولين في الحكومة جانبا آخر من تقدير البعض لأداء بخاري.
واعتبر “غاروبا” أن بخاري “فشل” في التصرف في ادعاءات الفساد بحق أعضاء في مجلس الوزراء، ما يشكك في التزامه بمكافحة الفساد، الذي كان عنوانا رئيسيا في حملته الانتخابية، على حد قوله.
** عمل جيد
غير أن مشاركين آخرين في اجتماع المجلس البلدي بالعاصمة النيجيرية اعتبروا أن معركة بخاري ضد الفساد “لم تكن مجرد خطابات”.
وقال اسحاق أكينتولا، وهو أستاذ جامعي: “رأينا أشخاصا يواجهون اتهامات بالفساد بينما كان لا يتم المساس بهم في السابق.. رأينا حكاما سابقين يحكم عليهم بالسجن.. يتعين علينا أن نعترف بهذا لبخاري”.
متفقا مع أكينتولا، قال ديبو أدينيران، المدير التنفيذي لمركز مكافحة الفساد والشفافية (خاص)، للأناضول على هامش الاجتماع”: “لن أسعى إلى تبديد آراء المعارضة حول بخاري. نعم هناك تحديات، خصوصا من تحالفه السياسي الهش، لكن الرئيس قام بعمل جيد في مكافحة الكسب غير المشروع”.
وأردف: “رأيناه يتعامل مع القضاة وكبار جنرالات الجيش، سواء كانوا في الخدمة أو متقاعدين، وحتى سياسيين من حزبه. رأينا الناس يتطوعون في إعادة أشياء منهوبة.. ويعتقد بعضنا أنه يجب أن ندعمه بدلا من العصيان”.
** الملف الاقتصادي
وبجانب مكافحة الفساد توجد قضايا أخرى مثارة ضد بخاري، منها بطء الأداء.
وبعد مرور أكثر من سنتين من ولايته، التي تمتد أربع سنوات، لم يتم تشكيل العديد من المجالس الحكومية، وأصبح صنع القرار بطيئا، وفق منتقدين.
ورغم خروجه من أسوأ ركود له منذ قرابة ثلاثة عقود، يقول محللون إن الاقتصاد النيجيري “ما يزال في خطر”.
واعتبر توب فاسوا، رئيس المركز “الدولي للاستشارات التحليلية” (خاص) إن “معالجة الرئيس للاقتصاد دون المستوى”.
ومضى قائلا: “الرئيس أعلن أنه قام بتنويع الاقتصاد، لكن لم يحدث أي شيء من هذا القبيل”.
واستطرد: “إذا كنت ترغب في النمو أو تنويع الاقتصاد، فيجب عليك تحديد وتركيز التمويل على الأشياء التي ينفق الناس أموالهم عليها. وهذا لا يحدث. نحن ما زلنا نركز على النفط”.
** الملف الأمني
فيما لقي الرئيس النيجري إشادة على برنامج الاستثمار الاجتماعي، الذي أطلقته إدارته، وبموجبه يحصل مئات الآلاف من الفقراء للغاية على 14 دولارا شهريا.
كما يلقى بخاري إشادة على صعيد الملف الأمني، خاصة في التعامل مع تمرد جماعة “بوكو حرام”.
إلا أن البعض يتهمونه بتوسيع الانقسامات بين المجموعات العرقية، وتعزيز الميول الانفصالية المتجددة في منطقة “الإيبو” جنوب شرقي نيجرييا.
وقال رئيس اجتماع المجلس البلدي في أبوجا، البروفسور نوهو يعقوب، وهو نائب سابق لرئيس جامعة، إن “هناك الكثير الذي يتعين القيام به”.
وتابع يعقوب: “الادعاء بأنه تمت هزيمة المتمردين تتناقض مع التقارير التي تفيد بأن أشخاصا ما يزالون يقتلون في الشمال الشرقي للبلاد”.
ولعل لا شيء يلخص الرأي العام النيجيري بشأن أداء الرئيس بخاري أفضل من نداءات وجهت إليه، لا يتعلق فحواها بمحاربة الفساد وضرورة استقرار الاقتصاد فحسب، بل أيضا بتوحيد الشعب النيجيري.
ومرارا شدد بخاري على أن “وحدة نيجيريا ثابتة وغير قابلة للتفاوض”.
وشهدت مناطق عديدة من نيجيريا، خلال العام الجاري، توترات عرقية، وسط دعوات إلى انفصال ولاية بيافرا (جنوب شرق)، ودلتا النيجر (جنوب) الغنية بالنفط، فيما تسعى “بوكو حرام” إلى فرض تفسير متشدد للشريعة في شمال شرقي البلد الإفريقي.
الأناضول