أخبار
قوة عسكرية مشتركة لمحاربة الإرهاب في الساحل… هل تنجح؟
أعلنت مالي والنيجر وبوركينا فاسو أنها اتفقت على تشكيل قوة عسكرية مشتركة، هدفها الأول هو محاربة الجماعات الإرهابية التي تنشط على الحدود بين الدول الثلاث، التي وقعت قبل عام من الآن اتفاقاً للدفاع المشترك، أعقبه تشكيل «تحالف دول الساحل»، وتخطط مستقبلاً لإقامة كونفدرالية.
ورغم الأحلام الكبيرة التي يعبر عنها القادة العسكريون الذين يحكمون الدول الثلاث، فإن تشكيل قوة عسكرية مشتركة لا يزال مجرد قرار سياسي، فلم يحدد بعدُ حجم هذه القوة العسكرية، ولا آليات تشكيلها وحدود تحركها، ولا مصدر تمويلها.
وأعلن القرار في بيان صدر عقب اجتماع عقده قادة جيوش الدول الثلاث في النيجر، (الأربعاء)، وقال قائد القوات المسلحة في النيجر موسى سالاو بارمو إنهم اتفقوا على تشكيل قوة عسكرية مشتركة «لمواجهة التحديات الأمنية»، مشيراً إلى أنها ستتشكل «في أقرب وقت».
وهذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها الدول الثلاث عن تشكيل قوة عسكرية مشتركة، منذ أن وقعت في انقلابات عسكرية وقطعت علاقتها بفرنسا، القوة الاستعمارية السابقة التي يحملونها مسؤولية الفشل في القضاء على الإرهاب، بعد 10 سنوات من وجود قوات فرنسية في المنطقة لمحاربته.
ولكن هذه الدول بعد أن توترت علاقتها بباريس، توجهت نحو التحالف مع روسيا، وعقدت معها شراكة عسكرية وأمنية، حصلت بموجبها على كميات كبيرة من الأسلحة، وبدأت حرباً على الإرهاب، لا تزال تتكبد فيها الكثير من الخسائر.
ثم إن تشكيل هذه القوة العسكرية المشتركة يعيد إلى الأذهان قوة عسكرية سبق أن شكلتها الدول الثلاث نفسها، بالإضافة إلى موريتانيا وتشاد عام 2015، ولكنها ظلت عاجزة عن تنفيذ عمليات عسكرية على نطاق واسع، بسبب ضعف التمويل والتجهيز والتدريب.
ويعتقدُ محللون أن القوة العسكرية المشتركة المرتقبة ستواجه المشاكل نفسها التي واجهتها القوة السابقة، ما يجعل قرار تشكيلها لا يعدو كونه مجرد قرار سياسي ودعاية إعلامية، يحاول من خلالها الحكام العسكريون لهذه الدول إظهار التحالف فيما بينهم وجديتهم في الحرب على الإرهاب.
إلا أن أنصار هذه الأنظمة العسكرية يرفضون هذه الاتهامات، ويؤكدون أن جيوش الدول الثلاث تخوض منذ أشهر عمليات عسكرية بشكل مشترك ومنسق، ويضربون المثال بتدخل طيران جيش النيجر أول من أمس (الثلاثاء) لدعم جيش بوركينا فاسو حين تعرض لكمين نصبته مجموعة إرهابية في قرية قريبة من الحدود بين البلدين.
ويعتقد هؤلاء أن التنسيق الأمني والعسكري بين الدول الثلاث وصل إلى مراحل متقدمة منذ أن تشكل «تحالف دول الساحل»، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه أمام تشكيل القوة العسكرية المشتركة للحد من قدرة المجموعات الإرهابية على التحرك عبر الحدود.
في المقابل، هنالك من يشككون في قدرة الدول الثلاث على أن تواجه خطر الإرهاب وحدها، وحتى في قدرتها على أن تتوحد معاً في مسار مشترك وطويل الأمد، وهنا يقول الباحث المتخصص في غرب أفريقيا في معهد هدسون ومقره الولايات المتحدة، جيمس بارنيت، إن الحكومات الثلاث «هشة للغاية»، ما يثير الشكوك حول قدرتها على العمل معاً.
وأضاف بارنيت: «وصلوا إلى السلطة من خلال الانقلابات، ومن المرجح أنهم يواجهون خطراً كبيراً بحدوث انقلابات، ومن ثم فهناك صعوبة لبناء إطار أمني مستقر عندما تكون أسس كل نظام على حدة هشة».
وتشير تقارير عديدة إلى أن التحديات الأمنية في المنطقة تفاقمت بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة؛ نظراً لعمليات الجماعات المسلحة التي تنشط في المنطقة منذ نحو 10 سنوات، والتي كثفت عملياتها منذ استيلاء جيوش الدول الثلاث على السلطة في سلسلة انقلابات في الفترة ما بين 2020 و2023.
ويشير تقرير لمشروع بيانات مواقع النزاع المسلح وأحداثها، وهي منظمة مراقبة مقرها الولايات المتحدة، إلى أن أكثر من 8 آلاف شخص قتلوا في بوركينا فاسو وحدها العام الماضي.
كما يشير إلى أن العنف وصل إلى أعلى مستوياته عام 2023، مع ارتفاع عدد القتلى جراء الصراع في منطقة الساحل بنسبة 38 في المائة مقارنة مع العام السابق.