أخبار
جولة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الإفريقية: توطيد الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في إفريقيا
مقدمة
انطلق وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في جولة دبلوماسية حاسمة مدتها أسبوع عبر أفريقيا، بدأت في 21 يناير 2024. وتهدف الجولة، التي امتدت إلى كابو فيردي وكوت ديفوار( ساحل العاج) ونيجيريا وأنغولا، إلى التأكيد على النتائج الإيجابية. نابعة من الالتزامات التي تم التعهد بها في القمة الأمريكية الإفريقية التي عقدت في واشنطن قبل عام. تطرقت ارتباطات بلينكن الاستراتيجية إلى التطورات الاقتصادية والتجارية والصحية مع معالجة المخاوف الإقليمية الملحة. وبينما كان وزير الخارجية يتنقل عبر القارة، لم تعمل الجولة على تعزيز العلاقات فحسب، بل عملت أيضا على وضع الولايات المتحدة وسط المنافسة الجيوسياسية، ولا سيما مع روسيا والصين. وشددت الدبلوماسية والاعتبارات الاستراتيجية على أهمية أفريقيا في تشكيل مسار السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
الرأس الأخضر
في الرأس الأخضر، حيث المحطة الأولى لجولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الإفريقية، تم التركيز على النموذج الديمقراطي للبلاد والتقدم الإيجابي منذ القمة الأمريكية الإفريقية. تم الاعتراف بها كمنارة للديمقراطية، وقد حددت كاب فيردي نغمة متفائلة للمناقشات حول التعاون الاقتصادي والتجاري والصحي. كما تناولت الزيارة المخاوف الأمنية، وخاصة فيما يتعلق بالأمن الغذائي، باعتبارها من النتائج الرئيسية للقمة الإفريقية الأمريكية الأخيرة. وقد عملت الزيارة على عرض النجاحات الملموسة الناجمة عن الالتزامات التي تم التعهد بها في واشنطن، وتصوير كاب فيردي كمثال بارز للحكم الديمقراطي وشريك في السعي المشترك لتحقيق الاستقرار والازدهار الإقليميين.
كوت ديفوار
وفي كوت ديفوار، المحطة الثانية في جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الأفريقية، تركزت المناقشات الدبلوماسية على العلاقات الثنائية والديمقراطية الإقليمية. ومن خلال التعامل مع الرئيس الحسن واتارا، سلطت المحادثات الضوء على الالتزام المشترك بتعزيز المبادئ الديمقراطية في المنطقة، مع الإشارة إلى وجه التحديد إلى الحاجة إلى إحراز تقدم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر التي صارت مناطق نفوذ روسية في غرب إفريقيا. ووفرت الزيارة، التي جاءت في توقيت استراتيجي خلال بطولة كأس الأمم الأفريقية، منصة للتبادلات الثقافية والدبلوماسية. أبدت الولايات المتحدة اهتماما كبيرا بدعم المسيرة الديمقراطية في كوت ديفوار، وتعهدت بتقديم 45 مليون دولار إضافية لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة، مما يؤكد أهمية البلاد في الأمن الإقليمي.
نيجيريا
وفي نيجيريا، وهي المحطة الرئيسية في جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الإفريقية، دارت المناقشات حول معالجة التحديات الأمنية في البلاد ومنطقة غرب إفريقيا خاصة مع تصاعد العملية الإرهابية بالمنطقة. وشدد بلينكن على التعاون مع الجهات الفاعلة المحلية، واعترف بالدور المحوري الذي تلعبه المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) في الأمن الإقليمي. وتم التأكيد على أهمية نيجيريا في الحرب ضد الإرهاب حيث التزمت الولايات المتحدة بتعزيز التعاون والدعم. وأشارت الزيارة إلى التركيز الاستراتيجي للولايات المتحدة على التعامل مع الشركاء المحليين والهيئات الإقليمية لمعالجة المخاوف الأمنية المشتركة. كما هدفت الجولة إلى تعزيز العلاقات الدبلوماسية وتعزيز الاستقرار في مواجهة التهديدات الإقليمية الناشئة.
أنغولا
في أنغولا، المحطة الأخيرة من جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الأفريقية، تم التركيز على الاعتراف بدور البلاد في تعزيز الاستقرار في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. وتعكس الزيارة الامتنان تجاه التزام الحكومة الانغولية بالاستقرار الإقليمي. ومن المرجح أن مناقشات بلينكن تطرقت إلى الأهمية الجيوسياسية لأنغولا، خاصة أنها تعتبر معقلا للنفوذ الروسي. وشددت الزيارة على أهمية المشاركة والتعاون الدبلوماسي في الحفاظ على الاستقرار في منطقة وسط أفريقيا. ورغم عدم تقديم تفاصيل محددة عن المناقشات، فإن اللهجة العامة أشارت إلى الاعتراف بجهود أنجولا والرغبة في تعزيز العلاقات من أجل المصالح الإقليمية المشتركة.
الديمقراطية والحكم
طوال جولته الأفريقية، أكد وزير الخارجية أنتوني بلينكن باستمرار على أهمية الديمقراطية والحكم الرشيد. وقد سلطت الزيارة إلى الرأس الأخضر الضوء عليها كنموذج ديمقراطي، مما حدد مسار المناقشات حول التقدم الديمقراطي في جميع أنحاء المنطقة. وفي كوت ديفوار، دارت المناقشات مع الرئيس الحسن واتارا حول الالتزام المشترك بالمبادئ الديمقراطية، مع إشارات محددة إلى الحاجة إلى إحراز تقدم في مالي وبوركينا فاسو والنيجر. أظهر نهج بلينكن، الذي يدعو إلى التعاون مع المجتمعات المحلية، استراتيجية دقيقة. وأكدت الجولة التزام الولايات المتحدة بتعزيز المثل الديمقراطية في مواجهة التحديات الإقليمية، وتعزيز أهمية الاستقرار السياسي والحكم التشاركي في الدول الأفريقية.
الأمن ومكافحة الإرهاب
برز الأمن ومكافحة الإرهاب كموضوعين محوريين خلال الجولة الأفريقية التي قام بها وزير الخارجية أنتوني بلينكن وأبدت واشنطن مخاوفها بشأن التحديات الأمنية في منطقة الساحل وخليج غينيا.
ففي نيجيريا، تناولت المناقشات التحديات الأمنية التي تواجه البلاد ومنطقة غرب أفريقيا الأوسع، مع الاعتراف بالدور الحيوي الذي تلعبه المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ECOWAS). وأسفرت الزيارة إلى كوت ديفوار عن تعزيز الالتزام، مع التعهد بمبلغ إضافي قدره 45 مليون دولار لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب والاستقرار الإقليمي. وشددت مشاركة بلينكن على أهمية النهج التعاوني، ودعم الجهات الفاعلة المحلية والهيئات الإقليمية في معالجة المخاوف الأمنية المشتركة. وعكست الجولة التزام الولايات المتحدة باتخاذ إجراءات استباقية ضد الإرهاب والتزامها بتعزيز قدرات الدول الأفريقية لضمان الاستقرار في مواجهة التهديدات الإقليمية الناشئة.
المشاركة الاقتصادية
شكلت المشاركة الاقتصادية حجر الزاوية في جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الأفريقية، حيث سلطت الضوء على التطورات الإيجابية منذ القمة الأمريكية الأفريقية. وفي نيجيريا وغيرها من الدول الساحلية، أظهرت الولايات المتحدة التزامها بدعم الاستقرار الاقتصادي، مع التركيز الاستراتيجي على مواجهة نفوذ الدول المنافسة، وأبرزها روسيا. وقد حظيت كوت ديفوار، الشريك الرئيسي، بالثناء على دورها في المنطقة، إلى جانب الإعلان عن تمويل إضافي بقيمة 45 مليون دولار لتعزيز الاستقرار ومكافحة التهديدات الإقليمية.
ويضاف هذا التخصيص إلى الدعم الحالي الذي تبلغ قيمته 300 مليون دولار من واشنطن منذ عام 2022، مما يشير إلى الجهد المتواصل لتعزيز العلاقات الاقتصادية. وأكدت جولة بلينكن رغبة الولايات المتحدة في وضع نفسها بشكل إيجابي في قلب الدول الساحلية، والاستفادة من التعاون الاقتصادي كأداة دبلوماسية والاستجابة للنفوذ المتزايد للمنافسين العالميين في القارة الأفريقية.
مقارنة مع المشاركة الصينية
جاءت جولة وزير الخارجية أنتوني بلينكن الإفريقية على خلفية المساعي الدبلوماسية الصينية الأخيرة في القارة، ولا سيما زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي. وتشير الزيارات الموازية إلى منافسة عالمية مكثفة على النفوذ في أفريقيا. وبينما أكدت الصين على زيادة التبادلات التجارية، أظهرت جولة بلينكن نهجا دقيقا، يجمع بين الاعتبارات الدبلوماسية والاقتصادية والأمنية.
أعطت الولايات المتحدة الأولوية للجهود التعاونية، ودعم الهيئات الإقليمية، والتعامل مع المجتمعات المحلية لتعزيز الاستقرار والديمقراطية. وهدفت زيارة بلينكن إلى تعزيز النفوذ الأمريكي، مما يمثل نقطة مقابلة لالتزامات الصين، وتسلط الضوء على الديناميكيات المعقدة حيث تتنافس القوى الكبرى على التموضع الاستراتيجي في أفريقيا. وكما تأتي زيارة بلينكن في أعقاب الجولة الأفريقية التي قام بها وزير الخارجية الصيني وانغ يي، مما يشير إلى التنافس على النفوذ في القارة.
خاتمة
تعكس جولة أنتوني بلينكن الأفريقية التزام الولايات المتحدة بتعزيز العلاقات وتعزيز الديمقراطية ومواجهة التحديات الأمنية. وتؤكد المنافسة الاستراتيجية مع اللاعبين العالميين الآخرين، وخاصة الصين وروسيا، أهمية القارة الأفريقية في سياق الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في المنطقة. وتعد الزيارة أيضًا بمثابة أداة دبلوماسية لمواجهة نفوذ المعارضين، خاصة في مناطق مثل أنغولا، التي تعتبر معقلًا تاريخيا لروسيا. وأيضا تركيز الزيارة على منطقة الساحل والغرب الإفريقي مالي، النيجر، بوركينافاسو التي أصبحت في الآونة الأخيرة منطقة نفوذ روسية، وتتزامن مواعيد الجولة مع كأس الأمم الأفريقية، مما يوفر فرصة للتواصل مع الدول على المستويين السياسي والثقافي.