أخبار

تقرير الندوة السياسية حول ” مستقبل العملية السياسية في جمهورية افريقيا الوسطى في ظل الاستفتاء على الدستور في 30 يوليو 2023″

نظم المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات ندوة سياسية حول” مستقبل العملية السياسية في جمهورية افريقيا الوسطى في ظل الاستفتاء على الدستور” وهي الندوة الثامنة ضمن الندوات الشهرية التي ينظمها المركز. وقد تمت أشغال هذه الندوة عبر تقنية زووم بتاريخ 29 يوليو 2023 ودامت قرابة ساعة ونصف، شارك فيها عدد من الأكاديميين ومن المختصين في الشأن الأفرو وسطي ونشطاء سياسيين من إفريقيا الوسطى.

استهلت أشغال هذه الندوة بكلمة ترحيبية من الأستاذ محمد صالح عمر مدير المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، والذي بدأ بشكره لأساتذة المتحدثين وبحضور الندوة وقام بتقديم أهم المحاور التي طرحت في الندوة، رفقة فقرة تمهيدية للموضوع تعرف بأهم المراحل السياسية التي مرت بها إفريقيا الوسطى.

مرحلة الانقلابات في جمهورية إفريقيا الوسطى

مرحلة التأسيس:

افتتحت فقرات الندوة بمداخلة الأستاذ أحمد توم حقوقي وناشط في المجتمع المدني. وتناولت مداخلة الأستاذ أحمد المحور الأول للندوة الذي كان تحت عنوان ” طبيعة الدولة التشادية من حيث النشأة والتكوين والطبيعة السياسية”، وقدم خلالها الدكتور لمحة تاريخية عن تاريخ إفريقيا الوسطى كان ديفيد داكو (1930-2003) أول رئيس لجمهورية إفريقيا الوسطى بعد استقلالها عن فرنسا في عام 1960. واجه تحديات سياسية خلال فترة ولايته وأطيح به في انقلاب قاده ابن عمه جان. – فيديل بوكاسا في عام 1966. ثم تولى بوكاسا السلطة كرئيس جديد وأعلن لاحقًا نفسه إمبراطورًا لجمهورية إفريقيا الوسطى في عام 1976. تميز نظامه بانتهاكات لحقوق الإنسان والقمع السياسي والإنفاق الباهظ. وسط استياء متزايد، تدخلت القوات الفرنسية وأطاحت ببوكاسا في عام 1979. عاد ديفيد داكو لاحقًا إلى السلطة كرئيس، وخدم من 1979 إلى 1981، قبل الإطاحة به في انقلاب آخر بقيادة الجنرال أندريه كولينغبا في عام 1981. وأدين بوكاسا لاحقا بارتكاب جرائم مختلفة وأمضى سنوات في المنفى والسجن حتى وفاته في عام 1996. تظل فتراتهم كقادة فترات مهمة وصاخبة في تاريخ جمهورية إفريقيا الوسطى.

مرحلة الانتقال الديمقراطي في جمهورية إفريقيا الوسطى

ومن ثم تناول الأستاذ أحمد توم في مداخلته الحديث عن مرحلة حكم الرئيس أنجي فيليكس باتاسيه (1937-2011) وهو أول رئيس منتخب في جمهورية إفريقيا الوسطى من 1993 إلى 2003. وقد تولى السلطة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية عام 1993. اتسمت رئاسته بعدم الاستقرار السياسي والاقتصادي. التحديات والصراعات.

خلال فترة ولايته، كانت هناك عدة محاولات انقلابية وثورات مسلحة ضد حكومته. في عام 2003، أطيح به في انقلاب قاده فرانسوا بوزيزي، والذي أنهى رئاسته.

وتولى بوزيزي الحكم في مارس 2003. واحتفظ بوزيزي بمنصبه بعد الفوز في الانتخابات الرئاسية في عام 2005 و2011. خلال فترة حكمه، شهدت إفريقيا الوسطى استقرارا نسبيا في بعض الفترات، لكنها اجتاحتها مشكلات أمنية واقتصادية. تمت مواجهة بوزيزي بتمردات مسلحة وانقسامات سياسية، بما في ذلك تمرد المتمردين المسميين “سيليكا” (Séléka) في عام 2012.

في مارس 2013، تم استيلاء مجموعات المتمردين من التحالف “سيليكا” على العاصمة بانغي وأطاحوا ببوزيزي من الحكم. بعد ذلك، فرّ إلى الخارج وتم تعيين ميشيل جوتوديا رئيسا مؤقتا وهو (Michel Djotodia)، زعيم تحالف “سيليكا”، للقيام بالحكم الانتقالي.

ما بعد الحرب الأهلية والدستور الجديد

وجاءت المداخلة الثانية للأستاذ أحمد الحافظ علي مهندس وناشط في المجتمع المدني، حيث تناول المحور الثاني للندوة المتعلق بفترة حكم الرئيس الحالي والدستور الجديد الذي وضعه في سنة 2015، حيث تم تنظيم انتخابات رئاسية جديدة في عام 2015، وخرج بوزيزي من المنافسة، وفاز فاوستين أرشانج تواديرا (Faustin-Archange Touadéra) بالانتخابات وأصبح الرئيس الجديد لجمهورية إفريقيا الوسطى.

واعتبر الأستاذ أحمد الحافظ في مداخلته بأن دستور سنة 2015 مميز جدا، حيث تكون من 20 بند رئيسي واحتوت هذه البنود على مواد، وبالرغم من التشابه بينه وبين الدستور الحالي إلا أن نقاط تحديد مدة الفترة الرئاسية التي تضمنها، إذ تمتد فترة الرئاسة إلى خمس سنوات ولا يمكن للرئيس أن يترشح لأكثر من دورتين فقط، وقد تم تغييرها في الدستور الحالي فقد تم التمديد في فترة الحكم لسبع سنوات ومع إمكانية الترشح لأكثر من دورتين، أما النقطة الثانية والتي تتمثل في التنصيص على وطنية المترشح الرئاسي أن يكون مواطن أصلي للبلاد ومنع مزدوجي الجنسية من الترشح وهي غير موجودة في القديم، وتم الإبقاء على بقية النقاط في الدستور كما هي.

المواقف السياسية الداخلية والخارجية من الاستفتاء

وجاء المحور الثالث للندوة تحت عنوان تداعيات الاستفتاء، حيث كانت المداخلة في هذا المحور للأستاذ محمد الأمين أبو بكر وهو ناشط سياسي أفروسطي، حيث أكد الأستاذ الأمين في مداخلته بأن السبب الرئيسي وراء الاستفتاء على الدستور يتمثل في رغبة الرئيس الحالي على البقاء في السلطة مدى الحياة، ويرجع ذلك أساسا لخوفه من المحاسبة بسب ارتكابه لجرائم كبيرة ضد الإنسانية من قتل وتعذيب خلال فترة حكمه وتحالفه مع قوات فاغنر الروسية المتواجدة حاليا في جمهورية إفريقيا الوسطى، والتي ترتبط أساسا بمصالحه الشخصية ومنها نهب ثروات البلاد لصالحه.

كما أشار الأستاذ إلى أن الاستفتاء وخاصة البند 83 من الدستور، الذي يشير بأن الأفروسطي الأصلي هو فقط من يستطيع الحصول على الوظائف العليا في الدولة مدنية كانت أو عسكرية ويمنع على مزدوجي الجنسية ذلك، يستهدف المسلمين رأسا في البلاد عبر اقصائهم من كل الأنشطة السياسية في البلاد، وحتى من التمتع بالوظائف داخل هياكل الدولة الرسمية حيث يعتبر الرئيس أن المسلمين في إفريقيا الوسطى أصولهم دخيلة على البلاد، وهذا تناقض لأن الرئيس نفسه مزدوج الجنسية فهو يحمل الجنسية الفرنسية، كما أن 80 % من الوزراء الحالين في حكومة الرئيس حاملين لجنسيات مزدوجة (الفرنسية خاصة). أما المادة 99 من الدستور التي تتحدث عن الترشح للبرلمان فهي تؤكد على وجوب ترشح حاملي شهادة البكالوريا (الثانوية العامة)، في حين أن 86 % من البرلمان الحالي والذين ينتمي جلهم لحزبه الحاكم لا يحملون هذه الشهادة.

وفي حديثه عن التداعيات الخارجية للاستفتاء أكد الأستاذ أن غاية هذا التعديل، المحافظة على تواجد قوات فاغنر الروسية في جمهورية إفريقيا الوسطى التي تتشارك مع الرئيس في نهب ثروات البلاد وقمع الشعب، كما أن موسكو تستعمل إفريقيا الوسطى كقاعدة رئيسية لها في التوغل داخل الدول الإفريقية، أما بالنسبة للكتل السياسية والمنظمة في جمهورية إفريقيا الوسطى فهي لا يتاح لها التعبير عن رأيها والادلاء بدلوها في الشأن السياسي لأن معارضة الرئيس أو تعبير عن الرأي سيؤدي إلى انهاء حياته. فالشعب الإفروسطي بمسلميه ومسيحييه يتملكه الخوف بسبب بطش النظام الحالي. والتعاطي في الشأن السياسي متاح فقط للمقربين من الرئيس وحاشيته فقط في البلاد.

مستقبل جمهورية إفريقيا الوسطى ما بعد الاستفتاء

خلال هذا المحور الأخير للندوة تم إعطاء الكلمة للمتداخلين الثلاثة لإدلاء بدلوهم في هذا الموضوع، حيث أجمعت المداخلات الثلاثة لأساتذة عن صعوبة تنبأ بمستقبل إفريقيا الوسطى، بسبب التعقيدات الداخلية والإقليمية والحضور الدولي في المشهد السياسي، ولكنهم عبروا عن تفاؤلهم بمستقبل البلاد بعد الاستفتاء الدستوري.

وقبل الختام خاطب الحضور مدير المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات شاكرا المتحدثين والمعقبين والمتداخلين. وفي الأخير وجه مدير المركز بعض الأسئلة والتعليقات حول الموضوع وتوجه بالشكر لكافة الحضور من الباحثين والمهتمين بالشأن الأفروسطي بصفة خاصة والإفريقي بصفة عامة من المتداخلين والمتابعين.

وبعد انتهاء هذه المداخلات الرئيسية، تم فتح باب المداخلات أمام الحضور للتعقيب والنقاش، ليتداخل الحاضرين بتساؤلاتهم وإضافاتهم حول الاستفتاء في جمهورية إفريقيا الوسطى، بحيث عملت مداخلات الحضور على مقاربة الموضوع من مختلف زواياه، وقدمت وجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع. وتم إعطاء الكلمة الأخيرة للمتحدثين والمعقبين للإجابة عن الأسئلة وتقديم كلماتهم وتعليقاتهم الختامية حول موضوع الندوة.

المصدر: المركز الإفريقي للابحاث ودراسة السياسات

 

اترك تعليقاً

إغلاق