أكد مصدر رسمي مالي ما كان قد أعلنه أحد قادة التمرد لفرانس برس من أن عسكريين متمردين “اعتقلوا” بعد ظهر الثلاثاء في باماكو الرئيس ابراهيم بوبكر كيتا ورئيس الوزراء بوبو سيسيه.
وكان مصدر عسكري، طلب عدم كشف هويته، قال “يمكننا أن نؤكد لكم أن الرئيس ورئيس الوزراء في قبضتنا. لقد تم اعتقالهما في منزل” الرئيس، فيما ذكر مصدر عسكري آخر في معسكر المتمردين أن “الرئيس كيتا ورئيس الوزراء في آلية مدرعة تتجه إلى كاتي”، القاعدة العسكرية في ضاحية باماكو من حيث بدأ التمرد.
وكان عسكريون ماليون قد بدأوا بإطلاق النار في الهواء صباح الثلاثاء في قاعدة كاتي العسكرية الكبيرة القريبة من ضواحي باماكو، في حين أن البلاد غارقة منذ أشهر في أزمة سياسية عميقة. وأعلن طبيب في مستشفى كاتي لفرانس برس “هذا الصباح، حمل عسكريون غاضبون سلاحهم في قاعدة كاتي وأطلقوا النار. كانوا كثراً وكانوا متوترين”. كما أكد مصدر أمني في المكان “هناك إطلاق نار في الهواء في كاتي. إنهم عسكريون” من يطلقون النار.
واحتجز العسكريون ضباطًا كبارًا، مما أثار لحظتها مخاوف من احتمال وقوع انقلاب بعد عدة أشهر من المظاهرات المناهضة للحكومة التي دعت إلى استقالة الرئيس، وهو ما بدأ يتكشف لاحقاً.
لم يتضح على الفور من يقف وراء الاضطرابات الأخيرة التي دمرت مالي ، لكن الاضطرابات اندلعت في نفس الثكنات العسكرية التي نشأ فيها انقلاب البلاد عام 2012.
في العاصمة باماكو المجاورة ، فر موظفو الحكومة من مكاتبهم حيث بدأ مسلحون في اعتقال مسؤولين بمن فيهم وزير المالية في البلاد عبد الله دافي.
وكان مصدر في وزارة الدفاع صرح لوكالة فرانس برس “نحن نراقب الوضع من كثب. لقد اتصلت القيادة العسكرية بالقوات وسنصدر بياناً رسمياً خلال اليوم” رافضاً نسب الحادث إلى “تمرد”.
وقال ضابط في وزارة الأمن الداخلي في مالي ، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى الصحفيين “يتم اعتقال المسؤولين، هناك ارتباك تام”.
وقبل إعلان اعتقال الرئيس ابراهيم بوبكر كيتا، لم يكن مكانه معروفاً بالتحديد منذ أن اندلعت الأحداث صباح الثلاثاء، وقال شهود إن نحو 100 من المتظاهرين الذين دعوا إلى الإطاحة به تجمعوا ظهر اليوم في باماكو لإظهار الدعم للتمرد.
وشوهدت دبابات مدرعة وعربات عسكرية في شوارع كاتي التي تبعد 15 كيلومتراً (أقل من 10 أميال) عن العاصمة.
ردود الأفعال الدولية
دان الاتحاد الأوروبي ما أطلق عليها “محاولة الانقلاب” الجارية في مالي، وقبل ذلك أوصت السفارة الفرنسية هناك بالتزام الحذر. وذكرت السفارة في تغريدة على تويتر “نظراً للتوتر الذي تم الإبلاغ عنه هذا الصباح في 18 آب/أغسطس في كاتي وباماكو، يوصى بشدة بالبقاء في المنزل”.
أما الولايات المتحدة فقالت إنها قلقة بشأن الوضع الذي يتكشف في مالي، حيث تعمل القوات الفرنسية وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة على تحقيق الاستقرار في البلاد وسط تمرد إسلامي استقر بعد انقلاب 2012.
وغرد جيه بيتر فام، المبعوث الخاص لوزارة الخارجية لمنطقة الساحل، قائلاً “تعارض الولايات المتحدة جميع التغييرات غير الدستورية للحكومة سواء في الشوارع أو من قبل قوات الأمن”.
دول غرب إفريقيا شجبت “التمرد” المستمر في باماكو ودعت الجيش المالي إلى “العودة إلى ثكناته دون تأخير”.
وقالت في بيان إن مجموعة دول غرب إفريقيا (الإيكواس) “تجدد معارضتها الحازمة لأي تغيير سياسي غير دستوري وتدعو الجيش للالتزام بمبادئ الجمهورية” ودانت بشدة المحاولة الحالية وستتخذ جميع والإجراءات اللازمة لإعادة النظام الدستوري.
خلفية الأزمة في مالي
وتواجه مالي، بؤرة التهديد الجهادي في منطقة الساحل منذ عام 2012، أزمة اجتماعية وسياسية خطيرة منذ حزيران/يونيو. وأعلنت المعارضة الإثنين عن مظاهرات جديدة هذا الأسبوع من أجل المطالبة باستقالة الرئيس ابراهيم أبو بكر كيتا، وبلغت ذروتها باحتلال مكان رمزي في وسط باماكو يومي الجمعة والسبت. ويضاف إلى هذه المطالب السياسية “وضع اجتماعي وخيم”، وفق ما أشارت الإثنين المسؤولة النقابية سيديبي ديديو عثمان.
وتضم حركة 5 حزيران/يونيو، التي تقود منذ شهرين أهم المظاهرات المناهضة للسلطة منذ انقلاب عام 2012، تحالفاً متنوعاً بين رجال دين وسياسيين ومنظمات من المجتمع المدني.