أخبار
تقييم الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة بين الصين وأنجولا
خلال اجتماع عُقِد مؤخرا في بكين، اتفق الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الأنجولي جواو لورينسو على الارتقاء بالعلاقات بين الصين وأنجولا إلى شراكة تعاونية استراتيجية شاملة. وأعرب الرئيس شِي عن ترحيبه الحار بالرئيس لورينسو، معترفا به كصديق قديم للشعب الصيني، وسلط الضوء على القوة الدائمة والمنافع المتبادلة للعلاقات بين الصين وأنغولا من خلال المشهد الدولي المتغير. وشدد على العلاقة باعتبارها تجسيدا للتعاون بين بلدان الجنوب ووضعا مربحا للجانبين، أيْ لكلا البلدين، مؤكدا على تاريخ العلاقات الدبلوماسية الممتد على مدار 40 عاما والالتزام المشترك بتعزيز الصداقة التقليدية والتنمية التعاونية[1].
وأعرب الرئيس ألأنغولي لورينسو عن امتنانه للصين لدعمها الفريد، مشيراً إلى التعاون الاقتصادي والتجاري المثالي بين البلدين، معترفاً بالإمكانات الكبيرة لمزيد من التنمية التي تعد بالمنفعة المتبادلة. ويمثل الاتفاق على الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى شراكة تعاونية استراتيجية شاملة علامة بارزة، تعكس التزام البلدين القوي بتعميق تحالفهما والعمل معًا لتحقيق أهداف التنمية المشتركة.
كالعادة، يحاول فريق المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات (أفروبوليسي) التعليق على هذا الحدث لتفنيد زواياه وتسليط الضوء على زوايا متعددة للحدث من خلال سبع نقاط أساسية على النحو التالي:
التعليقات على الحدث
- في سياق الارتقاء الأخير بالعلاقات بين الصين وأنجولا إلى شراكة تعاونية استراتيجية شاملة، يكشف الفحص الدقيق مدى تعقيد مثل هذا التعاون الدولي، خاصة من المنظور الجيوسياسي والاقتصادي الأفريقي. في حين يسلط الناشطون الأفارقة الضوء على المخاوف المشروعة فيما يتعلق بالسيادة الوطنية، والقدرة على تحمل الديون، وحماية البيئة، وحقوق العمل، والشفافية، والسلامة الثقافية، والتنمية العادلة، فمن الضروري أيضا النظر في الفوائد المحتملة التي يمكن أن تجلبها هذه الشراكات للقارة.
- وتتركز الانتقادات في كثير من الأحيان على الخوف من أن مثل هذه العلاقات الاستراتيجية قد تعمق الاعتماد على الاستثمار الأجنبي، مما قد يؤدي إلى إعطاء الأولوية للمصالح الخارجية وتقويض احتياجات التنمية المحلية. ومع ذلك، عندما تتم إدارتها ببصيرة ونية استراتيجية، يمكن لهذه الشراكات أن توفر فرصا أساسية لرأس المال والتكنولوجيا وتطوير البنية التحتية. فهي بمثابة حافز للنمو الاقتصادي وتحسين مستويات المعيشة، شريطة أن تتماشى مع الأهداف الإنمائية الطويلة الأجل للدولة المضيفة وأن تدار بشفافية.
- إن المخاوف المتعلقة بمستويات الديون غير المستدامة بسبب الاقتراض واسع النطاق لمشاريع البنية التحتية تتعارض مع إمكانية قيام هذه الشراكات بتقديم شروط أكثر ملاءمة من المقرضين الغربيين التقليديين. ويكمن أن تكون المفتاح في ضمان أن تكون المشاريع الممولة قابلة للحياة اقتصاديا ومستدامة، وتعزيز نموذج التنمية الذي يعزز قدرات البلاد على إدارة الديون.
- وتشكل قضايا حقوق البيئة والعمل نقطة محورية أخرى للنقد، مع مخاوف من التدهور والاستغلال النابعة من مشاريع البنية التحتية الكبيرة. ومع ذلك، فإن مثل هذه الشراكات تبشر بنقل التكنولوجيات الخضراء وتعزيز الممارسات المستدامة. ومن خلال دمج الاستدامة البيئية وممارسات العمل العادلة في هذه الاتفاقيات، تستطيع دول مثل أنجولا الاستفادة من الخبرات الأجنبية لتحقيق المنفعة المحلية، وضمان نقل المهارات وبناء القدرات بين القوى العاملة المحلية.
- تعد الشفافية والمساءلة في التعاملات المالية وتنفيذ المشاريع من مجالات الاهتمام الحاسمة التي أبرزها الناشطون. ومع ذلك، فإن تعزيز العلاقات الثنائية يتطلب أطراً تنظيمية أكثر وضوحاً والالتزام بالمعايير الدولية، مما قد يؤدي إلى تحسين ممارسات الحوكمة.
- إن التخوف من أن يؤدي الوجود الأجنبي المتزايد إلى التآكل الثقافي يقابله الرأي القائل بأن التبادل الثقافي، الذي تيسره هذه الشراكات، يثري كلا الشريكين، ويعزز الاحترام والتفاهم المتبادلين. ومن الضروري للدول أن تحمي تراثها الثقافي بنشاط بينما تنخرط في التبادلات التي تحتفي بالتقاليد المتنوعة وتحترمها.
- وأخيرا، فإن المخاوف من أن مشاريع التنمية قد تهمل المناطق الريفية والمتخلفة يمكن معالجتها من خلال إدراك أن مثل هذه المبادرات يمكن تصميمها لتحفيز النمو على الصعيد الوطني. ومن خلال التخطيط الاستراتيجي وسياسات التنمية الشاملة، يمكن توزيع فوائد الشراكات الدولية بشكل عادل، مما يدعم الأهداف الوطنية للحد من الفوارق الإقليمية.
في الختام، في حين أن رفع مستوى العلاقات بين الصين وأنجولا إلى شراكة تعاونية استراتيجية شاملة يثير مخاوف مختلفة بين الناشطين الأفارقة، ويشير التحليل المهني إلى أنه مع الإدارة الحذرة والسياسات الواضحة والالتزام بالتنمية المستدامة والعادلة، يمكن لمثل هذا التعاون أن يسهم بشكل كبير لنمو القارة. ويكمن التحدي في تحقيق التوازن بين هذه الشراكات الاستراتيجية لضمان توافقها مع الأهداف التنموية والبيئية والاجتماعية الأوسع لأفريقيا، وبالتالي خلق سيناريو مربح لجميع الأطراف المعنية.