انتهت الانتخابات الرئاسية في موريتانيا لعام 2024، مع فوز الرئيس محمد ولد الغزواني بولاية أخرى. وأثار منافسه الرئيسي بيرام الداه عبيدي مخاوف بشأن العملية الانتخابية. وقام المراقبون الدوليون بمراقبة الانتخابات عن كثب، مشيرين إلى الثناء على سيرها السلمي والمخاوف بشأن نزاهتها.
محلياً، تباينت ردود الفعل، وعكست مزيجاً من التفاؤل والتشكيك. ويتوقع أنصار الغزواني الاستقرار والتقدم الاقتصادي، فيما تدعو المعارضة إلى الشفافية.
وتتجه الأنظار نحو الاتجاه المستقبلي للبلاد في ظل القيادة الجديدة، خاصة فيما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والحوكمة.
السياق والنتائج المؤقتة:
شهدت الانتخابات الرئاسية الموريتانية التي أجريت في 29 يونيو 2024، تقدم الرئيس المنتهية ولايته محمد ولد الغزواني على الأصوات التي تم الإدلاء بها. وبحسب النتائج التي نشرتها اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، حصل الغزواني على 56.12% من الأصوات. وفي المركز الثاني حصل المنافس بيرام الداه عبيدي على 22.10% من الأصوات. وبلغت نسبة إقبال الناخبين 55.39%.
السياق الانتخابي والشفافية:
مراقبون: نشر المرصد الوطني 600 مراقب وطني، بمشاركة 30 مراقبا من الاتحاد الأفريقي وستة من المنظمة الدولية للفرنكوفونية كما أرسل الاتحاد الأوروبي ثلاثة خبراء انتخابيين.
الاحتياطات المتخذة: ضمنت اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة أن كل مرشح يمكنه تعيين ممثل له في كل مركز اقتراع، وسيتم نشر جميع نتائج مراكز الاقتراع على موقع My CENI الإلكتروني.
المخاوف: أعربت المعارضة عن مخاوفها بشأن حياد اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة وشفافية العملية الانتخابية، بما في ذلك رفض التحقق البيومتري من الناخبين.
النتائج ;ردود أفعال المرشحين:
محمد ولد الغزواني:
النتائج: 56.12% من الأصوات
الموقف الرسمي: إعادة الانتخاب بالأغلبية المطلقة في الجولة الأولى.
تصريحات: أكد الناطق الرسمي باسمه عبد الله كبد، تجدد ثقة الشعب الموريتاني بالغزواني وما يترتب على ذلك من مسؤوليات متزايدة.
بيرام الداه عبيد:
النتائج: 22.10% من الأصوات
الموقف الرسمي: الطعن في النتائج.
التصريحات: يتهم عبيد اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة بالتلاعب والاحتيال الانتخابي على نطاق واسع، لا سيما عن طريق حشو صناديق الاقتراع في حوالي 700 مركز اقتراع. ودعا أنصاره إلى النزول إلى الشوارع سلميا للطعن في النتائج ووعد بنشر نتائج فرز الأصوات المستقلة في غضون 24 ساعة.
ردود الأفعال:
ردود الفعل المحلية:
محليا، كان رد الفعل مختلطا. حيث أعرب أنصار الرئيس الغزواني عن ارتياحهم، مشددين على ضرورة الاستمرارية والاستقرار. في ظل بيئة إقليمية مضطربة. ويرى العديد من المؤيدين أن وعود الغزواني بتعزيز الاستثمارات في الغاز والطاقة المتجددة والتعدين أمر حيوي للمستقبل الاقتصادي للبلاد.
لكن أصوات المعارضة أثارت مخاوف بشأن نزاهة العملية الانتخابية. اذ انتقد عبيد ومرشحون آخرون اللجنة الانتخابية الوطنية المستقلة لعدم قيامها بما يكفي لمنع التزوير، كما شكك بعض أنصار المعارضة في نتائج الانتخابات، بحجة أنها تعكس عدم وجود منافسة حقيقية بسبب هيمنة نظام الغزواني.
ردود الفعل الدولية:
وعلى المستوى الدولي، أشار مراقبون من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي إلى أن الانتخابات كانت سلمية إلى حد كبير، على الرغم من الاعتراف بالمخاوف بشأن احتمال حدوث تزوير.
إجراءات أمنية: منذ تصريحات بيرام الداه عبيدي، تم تطويق مقر حزبه في نواكشوط من قبل الشرطة، وانتشرت قوات مكافحة الشغب أمام المدخل. ومع ذلك، لا تزال العاصمة. وحذر وزير الداخلية محمد أحمد ولد محمد الأمين من أن أي عمل يخل بالهدوء العام سيتم قمعه بشدة.
التحديات المحلية والاقليمية:
بعد فوزه، يواجه الرئيس ولد الغزواني تحديات كبيرة محليا وإقليميا. محليًا، تتمحور التحديات حول قضايا الشباب، البطالة، والهجرة، حيث يشكل الشباب نسبة 65% من السكان وتبلغ البطالة حوالي 31%. يعد ملف الشباب حارقا نظرا لتأثير الظروف الاقتصادية والاجتماعية عليهم. كما تعهد ولد الغزواني بمحاربة الفساد وتحسين البنية التحتية، وتعزيز التنوع الاقتصادي لتقليل الاعتماد على الموارد الطبيعية، اذ تصنف موريتانيا من ضمن أكثر الدول فقرا في العالم، ومع ذلك يبقى التحدي الأكبر هو في ان تصبح موريتانيا أحد أكبر منتجي الغاز الطبيعي في سنوات القادمة وهو تحدي هام أمام ولد الغزواني.
أما إقليميا، تواجه موريتانيا تحديات أمنية خطيرة، خاصة على الحدود مع مالي حيث تهدد الجماعات المسلحة استقرار البلاد وسجلت عديد الاختراقات للتراب الموريتاني من قبل المسلحين الماليين ومجموعة “فاغنر” الروسية. لذلك يتطلب الوضع تعزيز القدرات الأمنية لمواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة، وضمان أمن السكان المحليين. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي على ولد الغزواني الحفاظ على دبلوماسية متوازنة في التعامل مع القوى الكبرى مثل فرنسا، روسيا، والصين، لضمان دعم دولي لمشاريع التنمية.
التحديات الاقتصادية تتطلب تنويع الاقتصاد وتحسين البنية التحتية لدعم الاستثمار والنمو، وتحسين نظام التعليم لتوفير فرص أفضل للشباب. مكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في الإدارة العامة يعتبران من الأولويات لزيادة الثقة بين المواطنين والحكومة.
تعليق:
وان كان فوز الغزواني كان متوقعا بسبب منصبه وعدم وجود معارضة قوية، فإن التهم الموجه له بالاحتيال والتلاعب بالنتائج من قبل بيرام الداه عبيدي يمكن أن تؤدي إلى توترات سياسية واجتماعية في الأيام المقبلة. كما إن المصادقة النهائية على النتائج من قبل المجلس الدستوري واستجابة السلطات للمظاهرات المخطط لها سيكونان حاسمين بالنسبة لاستقرار موريتانيا في المستقبل، ويتحول التركيز الآن إلى كيفية تنفيذ إصلاحاته الاقتصادية المقترحة وإدارة تحول موريتانيا إلى منتج كبير للغاز.
ويهتم المجتمع الدولي بشكل خاص بكيفية معالجة الغزواني لقضايا مثل البطالة بين الشباب والفساد وحقوق الإنسان، والتي لا تزال تمثل تحديات كبيرة لموريتانيا.
وفي حين أن فوز الغزواني يَعِد باستمرار الاستقرار والتنمية الاقتصادية، فإن معالجة مخاوف المعارضة وضمان الحكم الشامل سوف يشكل أهمية بالغة لشرعية إدارته وفعاليتها.