وفي الطرف الآخر يستقبله البطل السابق صا أتييس بعضلاته المفتولة وبنيته القوية، وبمهارته القتالية العالية، لكن بنفس العقلية المرتهنة أيضا للبعد الروحي لصناعة النصر المتمثل في شراب مختلف ألوانه يُخلط في قنينات أو تُسكب على الجسم، أو في تمائم تُعلَّق، أو جزء من جلود الحيوانات أو الطيور تُرتَدى.
جذور اللعبة
ظهرت بواكير المصارعة الأفريقية والسنغالية منها على وجه التحديد في خمسينيات القرن الماضي تقريبا، وكانت عبارة عن عراك ناعم بين أبناء القرى الريفية والمزارع في شمال البلاد، لا سيما بين بعض أبناء الطبقات الدنيا، حتى أن بعض النبلاء في المجتمع السنغالي اليوم يرى في ممارستهم هذه الرياضة عيبا.
وكانت هذه الرياضة تُمارس بعد موسم الحصاد لتسد فراغ المزارعين، ثم توسعت لتصبح نزالا بين أبناء قرية معينة ضد القرية التي تجاورها، وكانت جوائزها عبارة عن بعض الألبسة الخفيفة أو بعض الحبوب.
وفي أواخر القرن المنصرم شهدت هذه الرياضة انتشارا متزايدا لتصبح مع مطلع الألفية إحدى أهم الرياضات في البلاد، إذ تدر على أبطالها مبالغ كبيرة تصل بعض الأحيان إلى حدود نصف مليون دولار سنويا، خاصة لمن يتربعون على عرش اللعبة، أو من يصبح “ملك الحلبة” كما يسميه السنغاليون.
وأضاف حسن كي أن هذا النوع من المصارعة يتسم بالخشونة بعد أن سُمح فيها بالملاكمة بعد أن كانت تنتهج نهجا ناعما لصرع الخصم، الذي يعتبر مهزوما ما إن تلمس يده الأرض، أو يسقط أرضا.
يقول الإعلامي السنغالي حسن كي إن المصارعة الأفريقية أصبحت تتربع على هرم الرياضات السنغالية من حيث الاهتمام، ووفرة الموارد المالية، فقد تجاوز عدد الممارسين لهذه الرياضة 10 آلاف شخص، ينخرط منهم 4500 شخص موزعين على مئتي فريق، في اتحاد وطني مرخص ومنظم ويحملون رخصا لممارسة هذه الرياضة. ويعرف هذا الاتحاد الرياضي باسم المجلس الوطني لتسيير المصارعة.
وأوضح أن المعركة تبدأ بالرقص والغناء من طرف الأبطال ومشجعيهم، ثم يأتي دور الشعوذة من خلال بعض الشراب أو سكب الحليب على الجسم، مع تعليق الكثير من التمائم.
وأشار إلى أن هذا الجانب الروحي له تأثير كبير في نفسيات المصارعين، حتى أنهم يدفعون أموالا كثيرة للشيوخ الذين يوفرون لهم هذا النوع من الدعم ولا يوجد أي بطل لا يستخدم هذه الأساليب مهما كانت قوته ولياقته البدنية.
تقوم مصارعة “لامْبْ” على مبدأ صرع الخصم بضربة أو بغيرها، فالمهم هو أن يسقط أو يلمس الأرض بإحدى يديه. وهناك طاقم تحكيم متخصص يشرف على هذه المعركة، وتكون المباريات النهائية بحضور جماهيري كبير، وبعائد مالي ضخم من تذاكر الدخول ومن الإعلانات.
ويتربع حاليا على عرش هذه المصارعة “ملك الحلبة” بوي أنيانك بعد فوزه على البطل السابق قبل أسابيع.
ويزداد اهتمام الشباب السنغالي بهذه الرياضة في ظل تزايد مداخيلها المالية، وما تجلبه من شهرة ومكانة في عالم لا مكان فيه للضعفاء، ويفرض فيه الأقوياء كل يوم صدارتهم بالعلم أو المعرفة أو بالعضلات أو الشعوذة.
RT