أخبار
زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ إلى أسمرا.. تداعيات المحلي والإقليمي
في ثاني زيارة له منذ بداية العام 2024 وخامس زيارة له منذ توليه الرئاسة في الصومال، قام الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود بزيارة إلى إرتريا استغرقت يومين، وبدعوة من الرئيس الإرتري أسياس أفورقي، الأمر الذي ترك علامات استفهام كثيرة لدى المراقبين لأوضاع الإقليم والتطورات فيه، فما هي السياقات وما هي الملفات الملحة التي دفعت افورقي باستدعاء شيخ محمود، نستكشف في أفرو بوليسي أهم السياقات والدوافع التي تقف خلف الحدث؟
الحدث:
زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أسمرا
التعليق:
أولا سياقات الزيارة:
على الصعيد الصومالي جاءت هذه الزيارة في وقت يشهد فيه الصومال مجموعة من التطورات قد تشكل منعطفا جديدا في فترة حكم الرئيس حسن شيخ محمود:
- تصاعد هجمات حركات الشباب: صعدت حركة الشباب من هجماتها واستولت على عدد من البلدات مع تراجع القوات الصومالية وإخلائها لعدد من المناطق التي حررتها خلال العامين الأخيرين، وهو ما يشكل تهديدا للحكومة الفيدرالية في مقديشو في ظل ملفات أخرى تزيد من الضغط عليها.
- الهجوم على فندق سيل(SYL): اثار الهجوم الذي شنته حركة الشباب على فندق سيل في العاصمة مقديشو، عددا من الأسئلة وتركت علامات استفهام عديدة، ذلك لوقوع الحادث في المنطقة الآمنة حيث يبعد الفندق عند القصر الرئاسي المعروف بـ “فيلا صوماليا” حوالي 600 متر حسب تقارير صحف صومالية، ولا يصل إلى الفندق إلا المسموح لهم بالوصول إليه، وقد عبر المهاجمون عشرات النقاط قبل وصولهم إلى الهدف، ويعتقد المراقبون أن الرسميين وحدهم من يُسمح لهم بالوصول إلى هذه المنطقة، خاصة وأن حادثا مماثلا قد جرى قبل ما يقرب من عامين وجرح فيه وزير الأمن السابق.
- التعديلات الدستورية: تعرض حكومة الرئيس حسن شيخ تعديلات دستورية على غرفتي البرلمان، من شأنها أن تعزز صلاحيات وسلطات الرئيس حسب المعارضين للتعديلات وعلى الرغم من أن السعي نحو دستور دائم ظل مطلبا لإرساء الاستقرار والسلام في البلاد إلا أن المعارضة تحصر خلافها مع الطرح الحكومي في أمرين: اعتماد النظام الرئاسي واعتماد حزبين فقط يتنافسان على الحكم ومنع التعدد السياسي، وهو ما ترى المعارضة فيه مساسا بالوحدة الوطنية وتخشى أن يؤدي إلى انقسامات خطيرة وتعيد البلاد إلى الفوضى من جديد.
- القوات الصومالية في إرتريا: في سباق الإحلال الذي تسعي إليه الحكومة الصومالية للقوات الإفريقية، تقوم الصومال بتدريب أعداد من القوات الصومالية في إرتريا ويعتبر هذا الملف الأقل أهمية مقارنة بالملفات الأكثر حساسية في الوقت الراهن.
ثانيا: ديناميكيات المنطقة
منذ الأول من يناير 2024 تشهد منطقة القرن الإفريقي ديناميكيات متجددة بفعل المذكرة التي وقعتها إثيوبيا مع صومال لاند وما أعقب ذلك من حراك كبير تداخل فيه المحلي بالإقليمي والدولي:
- الاتفاقية البحرية بين الصومال وتركيا: بعد تفاقم تداعيات المذكرة قامت الحكومة الصومالية بخطوة احترازية بتوقيع اتفاقية حماية بحرية مع تركيا تدخل حيز التنفيذ مباشرة ودون تأخير ما يوفر لها حماية من أي تدخل خارجي خاصة إثيوبيا التي لها تجارب كثيرة في ذات السياق، وهو الأمر الذي يثير قلقا لدى عدد غير قليل من دول المنطقة وعلى مستوى الإقليم.
- خروج القوات الإفريقية بنهاية 2024: بنهاية العام الجاري ستُنهي القوات الإفريقية وجودها في الصومال، وتضاربت التقديرات حول جاهزية واستداد الأجهزة الأمنية الصومالية بتسلم المهام، في ظل عجز الاتحاد الإفريقي ماليا لاستمرار القوات بمواصلة مهامها، ويعتبر هذا الأمر أحد الأجندة التي تقلق الرئيس الصومالي، ما أدخله سباق مع الزمن في توفير الإداد المطلوب كما وكيفا.
- تداعيات مذكرة أزمة ابي أحمد وموسى بيحي: على الرغم من تراجع التوتر ات بسبب المذكرة إلا أنها تظل حاضرة في سياق تحريك المكونات الاجتماعية المرتبطة بقضية الميناء والتكتيكات التي يتبعها كل طرف لإضعاف خيارات الآخر، وهنا تتقاطع المصالح بين عدد من الفاعلين في المنطقة، في ظل الرغبة الإثيوبية الجامحة والحاجة الملحة في هرجيسا لتنفيذ المذكرة.
خلاصات
على أية حال، يبدوا أن زيارات الرئيس حسن شيخ المتكررة لإرتريا تتجاوز مجالات التعاون الثنائي، والعلاقات القوية التي تربط البلدين منذ أزمان بعيدة، إلى الاستفادة من التجربة الإرترية في المجالات الأمنية والعسكرية، إضافة إلى التعاون الثنائي في القضايا الإقليمية وهو ما بدا واضحا في أزمة مذكرة التفاهم وغيرها من الملفات المهمة، فضلا عن ربما رغبة إرترية في تشكيل حضور معتبر في فترة ما بعد القوات الإفريقية في الصومال، وقد ذاعت أحاديث في فترة سابقة أن إرتريا أرسلت خبراء عسكريين إلى مقديشو.
كان لافتا وفقا لعدد من تعليقات إعلاميين أن الرئيس حسن شيخ ابدى رغبته في نقل التجربة الإرترية في ما أطلق عليه الرئيس الصومالي بناء الأمة، والذي لا يختلف عليه اثنان هو أن الرئيس الإرتري تمكن من بناء قلاع أمنية وجبروت عسكري قامع لكنه فشل فشلا ذريعا في بناء الأمة إذ أن كوريا شرق إفريقيا تعد واحدة من أكثر الدول عزلة وتخلفا واستبدادا فهل يذهب الرئيس حسن شيخ تحت وطأة الأوضاع الصومالية إلى ما هو أسوأ، نعتقد أن تجربة الاحتراب الأهلي وفترة الفوضى الصومالية وحالة فشل الدولة كفيل بالاعتبار.