يعلق سكان زيمبابوي المنهكون بعد حكم روبرت موغابي، آمالا كبيرة على إيمرسون منانغاغوا الذي تم تنصيبه رسميا رئيسا جديدا للبلاد. لكن رجل النظام القديم ومهندس إحدى أعنف “ضربات” موغابي ضد معارضيه في الثمانينيات ومدير مخابراته أيضا، يطرح نقاط استفهام بشأن التجديد الذي يستطيع أن يحضره إلى زيمبابوي.
يلقب إيمرسون منانغاغوا في زيمبابوي بـ”التمساح” بسبب مكره السياسي، وشعار حزبه “لاكوست”. علق على لقبه قبل عامين بالقول إن “التمساح لا يترك المياه ليذهب للبحث عن الطعام، بل ينتظر بصبر لتأتي فريسته إليه. ويضرب في الوقت المناسب”. والضربة المناسبة بالنسبة إلى “تمساح” زيمبابوي قد حان وقتها، فكان إعفاؤه في 6 تشرين الثاني/نوفمبر من مهماته بطلب من السيدة الأولى غرايس موغابى التي كانت تأمل خلافة زوجها، لحظته المناسبة للإعداد لإزاحة معلمه.
ولد منانغاغوا عام 1942 في المنطقة الوسطى في زفيشافانغ في زيمبابوي، درس الحقوق في جامعة زامبيا ثم في جامعة لندن، كما حضر مدرسة للإعداد الفكري في بكين والتي كانت تدار من قبل الحزب الشيوعى الصينىي وقضى السنوات الأولى من حياته السياسية كقائد مقاتل في حرب التحرير إلى جانب روبرت موغابى في الثمانينيات وتسلم في عهده وزارات أساسية.
المناصب السياسية
دخل إيمرسون منانغاغوا عالم السياسة عام 1962 من خلال انضمامه إلى اتحاد الشعب الأفريقي في زيمبابوي، شارك في الكفاح ضد نظام إيان سميث من أجل التحرير قبل أن يتم القبض عليه ويتعرض للتعذيب لدرجة أنه فقد السمع في أحد أذنيه. وبعد حرب الاستقلال عين وزيرا لشؤون الأمن وشغل العديد من المناصب الوزارية في الدولة، بما في ذلك وزارة المالية والدفاع. إلا أن الدور الأكثر تأثيرا لعبه عندما تسلم مركز مدير المخابرات المركزية في الثمانينيات. وبسبب تسلمه لهذا الدور، يتهم منانغاغوا من قبل المعارضة في البلاد بأنه لعب دورا في “التطهير” الدموي ضد المعارضة السياسية لموغابي. وقتل في تلك المرحلة حوالى 20 ألف شخص، معظمهم ينتمون إلى أقلية “إنديبيلي” الإثنية. وينتمي كل من موغابي و”التمساح” إلى إثنية “شونا” الأكثر انتشارا في البلاد، وينفيان كليا أنهما قاما بعملية تطهير عرقي.
كما اتهم منانغاغوا من قبل جمعيات أهلية في بلاده بتنسيق حملة “تخويف” ضد المعارضة أدت إلى قتل 200 شخص، من ضمنهم المنافس الرئيسي لموغابي.
“الانقلاب الناعم”
بعد تفاقم الصراعات داخل الحزب الحاكم بين مجموعة من القياديين، تقودها غريس موغابي، زوجة الرئيس روبرت وبين أنصار منانغاغوا، أفادت وسائل إعلام محلية بمحاولة اغتيال منانغاغوا الصيف الماضي. وتم إثر ذلك الإعلان عن إقالته من منصب نائب الرئيس ومن الحزب الحاكم بسبب “عدم الولاء” للرئيس. واضطر منانغاغوا لمغادرة البلاد، وتوجه إلى جمهورية جنوب أفريقيا، قبل أن يتحرك العسكريون من مؤيديه لتغيير الوضع السياسي في البلاد.
وخلف الأضواء، وبعد استبعاد منانغاغوا الذي بنى على مر السنين علاقات قوية مع كافة المؤسسات الأمنية في البلاد، عمل بصمت، إلى جانب الجنرالات، لإيقاف غرايس عند حدها قبل أن تقطع رأس “الأفعى”، كما قالت سابقا، في إشارة إليه. وأبعدوا جميع من يمكن أن يعادي منانغاغوا من الحزب الحاكم والحياة السياسية، ليتمكن الأخير من أن يأتي رئيسا متمتعا بالثبات والقوة.
فرانس 24